بقلم فاروق جويدة
تدفقت مئات الملايين من الجنيهات من المصريين على البنوك فى الأسبوعين الماضيين, ومنذ رفع سعر الفائدة على إيداعات البنوك وكل بنك يعلن ما وصل إليه من المدخرات.. مئات الملايين من الدولارات حولها أصحابها إلى الجنيه المصرى للحصول على 20% فائدة وهو رقم لم يحدث من قبل .. ورغم ان قرار تعويم الجنيه المصرى ترتبت عليه خسائر ضخمة فى مدخرات المواطنين فإن ارتفاع الفائدة عوضهم عن جزء من خسائرهم فى قرار التعويم .. إن الأزمة الحقيقة الآن فى حجم الأموال التى تدفقت على البنوك وماذا ستفعل بها .. لقد اكتفت البنوك المصرية بتحقيق أرباح الإيداع والفوائد ونسيت تماما دورها الاقتصادى فى تمويل الأنشطة والمشروعات الصناعية والتجارية, فى يوم من الأيام استطاع طلعت حرب من خلال بنك مصر ان يقيم مشروعات صناعية ضخمة فى الغزل والنسيج والسكر حتى وصل إلى الإنتاج السينمائى والمجالات الثقافية والفنية, وفى سنوات قليلة دخلت مصر مجالات صناعية كثيرة بتمويل من بنك مصر وأفكار طلعت حرب, وقد وصلت الصناعة المصرية إلى الأسواق العالمية وحققت سمعة طيبة كما كانت مصدرا من مصادر العملة الصعبة .. ولكن البنوك المصرية الآن تتكدس فيها مدخرات المواطنين ولا احد يعلم ما هى المشروعات الصناعية التى قامت على أموال البنوك فى السنوات الأخيرة، لماذا لم تشارك البنوك فى إنقاذ عشرات بل مئات المصانع التى أغلقت أبوابها ولا تجد التمويل الكافى لاستعادة نشاطها وعودة إنتاجها، على جانب آخر فإن المشروعات الصغيرة مازالت حتى الآن تعانى نقصا شديدا فى التمويل والتسويق والمتابعة.. إن الحكومة هى المقترض الأكبر من البنوك الآن لتمويل مشروعاتها العقارية، وهى مشروعات غير منتجة إنها مال سائل يتجمع فى العقارات والمبانى ولا يدر دخلا ولا يحقق صادرات، وهذه النوعية من المشروعات تمثل عبئا على الحكومة والبنوك فى وقت واحد، والحل ان تتجه البنوك إلى تمويل المشروعات الإنتاجية فى الصناعة والزراعة، لأن هذه المشروعات هى التى تفتح مجالات أوسع للعمالة والإنتاج والتصدير وتوفير احتياجات المواطنين من السلع والخدمات.. اكتناز الأموال فى البنوك خطأ كبير.