بقلم:فاروق جويدة
فى التاريخ القديم والحديث دروس كثيرة لمن أراد أن يتعلم. لا تراهن إلا على شعبك، فهو الوحيد القادر على حمايتك ما دمت جنديًا فيه، تعيش أحلامه، وتعانى آلامه ، وتسعى دائمًا لأن تسمع صرخاته وتستجيب لها. الشعوب أمانة فى يد أبنائها المخلصين، الحريصين على تقدمها ونهضتها.. التاريخ يحكى كثيرًا عن أصدقاء تخلّوا أو فرّطوا أو باعوا.. ما أكثر الحضارات التى تهاوت وسقطت واستسلمت لأنها فرّطت فى قدراتها واعتمدت على قدرات الآخرين الذين هربوا فى المحن والأزمات .. إن ما حدث فى سوريا أخيرًا درس فى كل جوانب الحياة:
درس فى السياسة : حيث لا أمان ؛ فليس فى السياسة أصدقاء، وليس فى الحروب سوى سلاحك، وليس فى المواقف رقص على الحبال..
درس فى الحياة : ما يحدث فى حياة البشر يحدث فى أزمات الشعوب ؛ ففى أحيان كثيرة يتخلى عنك صديق وأنت أحوج ما تكون إلى يده..
تخيّل حريقًا يهدد بيتك ويتركك الجيران لتحترق ! تخيّل وطنًا يتمزق بين يديك ولا تجد من يساعدك! الجميع هربوا..
عندما دخل هولاكو ، زعيم التتار ، وحاصر قصر المستعصم ، آخر خلفاء الدولة العباسية ، طلب الخليفة طعامًا.. فأحضر له هولاكو أطباقًا مليئة بالذهب والألماس.. قال الخليفة: «وهل هذا طعام؟» فقال هولاكو: «لو أنفقت هذا المال على شعبك وجيشك، لوجدت الآن من يدافع عنك وعن وطنك»
فى التاريخ دروس كثيرة، لكن لا يتعلم منها أحد .. وما أشبه الليلة بالبارحة!
عادت جيوش روسيا إلى ثكناتها سالمة إلى موسكو ، وعادت قوات إيران إلى طهران ، وقدموا للشعب السورى اعتذارًا رقيقًا : «لا نستطيع البقاء معكم بعد الآن.» وانتهى الدرس.