بقلم - فاروق جويدة
اعترف أن إعلانات التسول للجمعيات الأهلية أصابتنى بحالة من الكآبة.. لا يعقل أن تتحول الشاشات إلى هذه الحالة الكئيبة لصور الأطفال والأرامل والجوعى والمرضى بهذه الصورة إنها مئات الجمعيات وآلاف الإعلانات ولا ادرى هل يحصل الفنانون على مقابل فى هذه الإعلانات أم إنها مجانية .. ما هذا الكم من الغم الذى نصدره للناس طوال 24 ساعة فى الشهر المبارك هناك إعلانات تتسم بالإنسانية وتحرك مشاعر الرحمة ولكن ما يقدم فى التليفزيون المصرى بقنواته الخاصة والعامة شئ يدعو لليأس ولم يبق غير أن يقدم لنا مشاهد من القرافة وعمليات الدفن وما بقى من موميات قدماء المصريين لأننا بالفعل شعب يحب النكد ولا يريد أن يفرح بأى شئ ولهذا حافظ على رفات الأجداد وأصبحت تراثا نطوف به أمام دول العالم فلم يبق من ماضينا العريق غير رفات وموميات العهود الراحلة حتى إننا نحتفل كل يوم باكتشاف مقبرة جديدة وموميات جديدة واخشى أن نبدأ فى استكشاف المقابر الحديثة ونخرج منها رفات هؤلاء الذين رحلوا من سنوات قليلة لكى تضاف إلى آثارنا.. ليس لى اعتراض على إعلانات الجمعيات الأهلية ولكنها تبالغ فى تعذيب الناس والوصول بهم إلى حالة من اليأس الشديد رغم أن الدعوة إنسانية ومقنعة ولكن أسلوب التعبير عنها والصور المبالغ فيها والأعداد المهولة من الإعلانات تفقد القضية جانبها الإنسانى .. وقبل ذلك كله هل هناك من يتابع فى مؤسسات الدولة أنشطة الجمعيات الأهلية والتبرعات التى تصل إليها احد الأصدقاء كان يدفع الزكاة عن ماله وأسرته لأحدى الجمعيات الأهلية الشهيرة لسنوات عديدة ويوما زار مقر الجمعية ولم يجد اسمه فى كشوف المتبرعين على الإطلاق .. لا أدرى أين أجهزة الرقابة من حالة الرعب التى يشاهدها المصريون كل ليلة فى إعلانات التسول والتبرع وهم بذلك يفسدون دعوة إنسانية نبيلة وتتحول بين أيديهم إلى أفلام رعب وكآبة.. أطالب الرقابة بجمع عشرين أو خمسين إعلانا من هذه الإعلانات فى شريط واحد ومشاهدته كاملا لكى يدركوا حجم المأساة وفداحة الجريمة والاكتئاب الذى يصيب الناس..
نقلا عن الاهرام القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع