بقلم - فاروق جويدة
ثلاثة أشياء تقتل الحب الاعتياد والملل والرتابة..وكلها تمثل حلقات متصلة فى العلاقات الإنسانية..إن الحب أحيانا يولد مرة واحدة وهو ما يسمى الحب من أول نظرة وهو يشبه الصدمة الكهربائية التى تغير موازين الإنسان وتفقده جزءا من إرادته..وهذا الحب شىء قدرى يأتى صدفة ولا يستطيع الإنسان أن يحدد له ميعادا..وهناك حب الاعتياد وهو بطىء جدا يشبه السلحفاة ولكنه يصل إلى ما يريد..والاعتياد فى الحب أن تجد زميلة فى العمل أو ابنة الجيران أو امرأة تفرض عليك الظروف أن تلتقى بها دائما فى عمل أو سفر ومع الأيام تتحول علاقة العمل إلى ما يشبه الصداقة..ثم تزداد العلاقة قربا فيسأل كل منكما عن الآخر إذا مرض أو مرت عليه ظروف صعبة وتنبت بينكما مشاعر صغيرة تكبر مع الأيام وقد تصبح حبا..أما العدو الآخر للحب فهو الملل وهو يأتى دون استئذان وهو اخطر ما يهدد الحياة الزوجية أن تختفى الألفة شيئا فشيئا..أن ينتهى الحوار..ألا يسمع أحدكما للآخر..ألا يعتذر إذا اخطأ..أن ينسى عيد الميلاد..وعيد الزواج..كل هذه الظواهر تصيب الحب بهذا المرض الخطير الذى يسمى زهايمر المشاعر..أما الرتابة فهى صورة من توابع الملل ألا يشعر الإنسان ببهجة وفرحة أى شىء وحين تزداد حدة الملل تصبح الرتابة شيئا عاديا..لا يسأل أحد عن أحوال الآخر ولا يهمه أن يعرف أخباره وتتسلل عواصف النسيان وبعد الاهتمام والرعاية يجلس كل واحد بعيدا عن الآخر كأنه لا يراه ولابد أن نعترف أن وسائل التواصل الحديثة قد حطمت الكثير من جسور الود والمحبة وكل إنسان يأخذ ركنا قصيا فى البيت ومعه التليفون المحمول ويكتفى بالحديث مع الآخرين بالرسائل والصور والأغانى ويشعر الإنسان أن هذا العالم الافتراضى يغنيه عن كل شىء حوله..أول شىء يفعله الإنسان حين يصحو من النوم أن يقرأ الرسائل وربما ذهب إلى عمله دون أن يصافح زوجته..إن الاعتياد طريق للحب ولكنه غير أمن فى كل الأوقات..والملل عدو شديد الهدوء وشديد الشراسة..والرتابة نوع من الأمراض التى تتسلل إلى شجرة الحب وتفسد كل شىء فيها.
نقلا عن الاهرام القاهرية