بقلم-فاروق جويدة
تفجرت قضية خطيرة بين البنك المركزى ومصلحة الضرائب حول سرية الحسابات البنكية، فهناك اقتراح بتعديل تشريعي فى قانون الضريبة على الدخل وتنص المادة المقترحة على أن من حق وزير المالية أن يطلب من رئيس محكمة استئناف القاهرة الأمر بإطلاع العاملين بمصلحة الضرائب على حسابات العملاء وودائعهم وخزائنهم مما يعنى أن من حق وزير المالية الكشف عن أرصدة العملاء فى البنوك..الغريب فى هذه القضية الشائكة أن رئيس مصلحة الضرائب عماد سامى تقدم فعلا بهذا الاقتراح وعلى الجانب الآخر رفض طارق عامر محافظ البنك المركزى هذا التوجه من الأساس وأن البنك المركزى سوف يدافع عن استمرار سرية حسابات العملاء فى البنوك..فى تقديرى أن مثل هذه القضايا ليس مكانها الإعلام والشاشات ووكالات الأنباء لأنها تؤدى إلى نتائج سيئة للغاية وتصيب المودعين بحالة من الرعب خوفا على أموالهم.. إن إعطاء مصلحة الضرائب الحق فى الكشف عن حسابات العملاء يعطيها الحق فى اتخاذ إجراءات ضد هذه الحسابات وهذا يتعارض تماما مع سرية أنشطة الجهاز المصرفي ويعطى جهات أخرى الحق فى الوصول إلى هذه الأرصدة والحسابات مثل مصلحة الضرائب..هناك أيضا حسابات فى البنوك لا تخضع نهائيا للضرائب ومنها شهادات الاستثمار وبعض الودائع الاستثمارية ومنها أيضا ودائع بالعملات الأجنبية..إن معظم عمليات البنوك تقوم على المدخرات المعفاة من الضرائب فكيف يكون من حق وزارة المالية أو وزيرها الاطلاع على هذه الودائع أو سحبها أو تحصيلها..فى تقديرى أن مثل هذا الحق الذى ستحصل عليه وزارة المالية تجاوز خطير وقد تترتب عليه آثار خطيرة أن يقوم المواطنون بسحب ودائعهم وأرصدتهم ولهذا أقترح من البداية إغلاق هذه القضية لأن البنك المركزى لن يسمح بذلك كما أكد طارق عامر أن سرية الحسابات فى البنوك المصرية خط أحمر ولن يسمح لأى جهة أن تتدخل فى حسابات العملاء أو تتطلع عليها..إن مثل هذه التصريحات تترك آثارا سيئة على النشاط الاقتصادي خاصة إذا أدركنا أن نصف ودائع البنوك المصرية معفاة من الضرائب وهى شهادات الاستثمار..قليل من الحكمة يا سادة ولا داعي أبدا لإفساد بنوك مصر فهى مازالت من أهم حصون الاقتصاد المصرى.
نقلا عن الأهرام القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع