بقلم - فاروق جويدة
كان الأتراك يطلقون على إبراهيم باشا قائد الجيش المصرى فى عصر والده محمد على “ابراهيم المصري” وقد خاض معارك ضارية ضد الدولة العثمانية فى أكثر من مكان، ولا شك انه لا يوجد من يشكك فى دور محمد على حاكم مصر فى بناء جيشها وإن ابراهيم باشا كان قائدا فذا فى تاريخ العسكرية المصرية..إن الشىء المؤكد أن أسرة محمد على رغم أنها لم تكن مصرية إلا أن مائة وخمسين عاما فى الحكم ما بين تولى محمد على فى 1805 وخروج الملك فاروق..هذا الزمن الطويل جعل هذه الأسرة تمد جذورها وانجازاتها فى الأرض المصرية ابتداء بكبير الأسرة وما حققه فى بناء مصر الحديثة وانتهاء بما تركه الخديو إسماعيل من شواهد حضارية ابتداء بقناة السويس ومدنها الثلاث وانتهاء بالأوبرا والبرلمان ودار الكتب وكل المنشآت الثقافية العريقة التى أقامها على ارض مصر..لن ننسى أيضا الخديو عباس حلمى وكتابه الشهير”عهدي” الذى حكى فيه قصته فى حكم مصر وكيف ارتبط بهذا الوطن العظيم وكان صديقا وداعما للحركة الوطنية ضد الاحتلال الانجليزى وحتى فاروق الملك ظل وفيا على عهده مع المصريين حتى انه طلب أن يدفن فى أرضها الطيبة..اقول ذلك تعقيبا على رسائل وصلتنى حين كتبت عن السلطان التركى رجب اردوغان وذكرت فى سياق الحديث ابراهيم باشا الذى دوخ الإمبراطورية العثمانية قبل ان يسدل عليها الستار فى نهاية مأساوية.. إن بين الأتراك والعرب قصة احتلال دامية كان اخطر ما فيها أن الدولة العثمانية كانت من أهم أسباب التخلف فى العالم العربى فى ظل حريم السلطان وهذه العهود السوداء التى امتدت مئات السنين ويظهر لنا الآن رئيس تركى يريد أن يعيد هذا المجد الغابر..لا اعتقد أن فى تاريخ الدولة العثمانية صفحة واحدة مضيئة من تاريخ العرب والمسلمين فقد احتلت العالم العربى وتركت له كل ألوان التخلف فى الفكر والثقافة ولغة العصر، والآن جاء أخر سلاطين الأتراك يتخبط هنا وهناك ويجمع كل فلول الإخوان المسلمون متصورا انه خليفة المسلمين وأخر سلاطين مملكة حريم السلطان..فى كثير من الأحيان تصبح قراءة التاريخ واسترجاع أحداثه ضرورة للحكام وأصحاب القرار.
مقلا عن الاهرام القاهرية