بقلم:فاروق جويدة
من أجمل وأعمق المشاعر الإنسانية شيء نسميه الحنين، والحنين ليس فقط للأشخاص ولكنه حنين للأماكن وحنين للذكريات وحنين لأحلام راودتنا وتخلت عنا.. وهناك حنين للمشاعر حين يهدأ القلب وتستريح الأشواق ويصبح الغياب حقيقة نعيشها كل ساعة.. ويجىء إحساس رقيق يتسلل في قلوبنا ويزورنا في أي لحظة، إنه يسرق النوم من عيوننا ويجهض الأحلام في نفوسنا.. إنه زائر بلا ميعاد وضيف لا تعرف متى يقتحم أيامك.. وأصعب الأشياء الحنين للزمن، أن تجد بعض سنوات عمرك قد سقطت منك وأصبحت ظلالًا حائرة بين الذكرى والنسيان.. وأكثر الجراح ألمًا الحنين لحبيب غاب واختفى من أيامك وأصبح مجرد طيف عابر.. وهناك صديق لا تنساه أبدًا ، إنه يزورك كلما احتجت إليه.. أحيانًا يواجه الإنسان محنة، ويبحث عن صديق غاب أو رحل، ويتمنى لو التقاه لحظة وسمع شكواه.. وهناك افتقاد الأم والأب، ولا شيء يعوضك عنهما.. إن الأم تأخذ مكانًا في القلب، والأب يقف بجانبك كلما عشت لحظة ألم أو وحدة.. حين يرحل الأب، تجد نفسك في الواجهة لا شيء يحميك.. وحين تغيب الأم ، لا حب يعوضك عنها.. وتجلس وحيدًا تواجه وحشة الأيام وصمت الأماكن وشحوب الذكريات.. وتستعيد أغنية فيروز الجميلة: «أنا عندي حنين، ما بعرف لمين».. إن الشيء المؤكد أنك تعرف، ولكنك لا تبوح، وتكتفي بأن تغني مع فيروز، رغم أن الغناء لا يعيد حبيبًا ولا يسترجع زمنًا، لأن الماضي لا يعود.