بقلم فاروق جويدة
فى يوم من الأيام منذ سنوات كان وصول شاب اسود قادم من أفريقيا ليحكم اكبر دولة فى العالم حدثا غير مسبوق فى تاريخ الغرب.. كان ظهور الرئيس اوباما كبرى مفاجآت السياسة فى العصر الحديث.. هناك مفاجأة اخرى ليست بحجم المفاجأة الأمريكية ولكنها تقترب منها فى نفس السياق حيث فاز صادق خان المسلم بعمودية لندن اكبر وأشهر عواصم العالم.. صادق خان الشاب المسلم ومرشح حزب العمال لا ينكر أصول أبيه السائق ولا أمه الخياطة.. انه إنسان بسيط خرج من اسرة فقيرة وقبل هذا كله لم يتنكر لدينه وأصبح رئيسا لكبرى مدن أوربا ويتحكم فى ميزانية مقدارها 17 مليار جنيه استرلينى اى أكثر من 200 مليار جنيه مصرى ..هذا الشاب المسلم يقدم نموذجا حضاريا وإنسانيا أمام نماذج كثيرة مشوهة ترفع راية الإسلام فى العالم وأساءت للإسلام الدين والعقيدة.. ولا شك ان مثل هذا الانجاز التاريخى يمكن ان يكون له نتائج كثيرة فى المجتمع الغربى خاصة فى هذه الظروف الصعبة التى يتعرض فيها الإسلام والمسلمون إلى حملات ضارية من التشويه..هذا النموذج الذى يقدم الآن للمجتمعات الغربية ممثلا فى شاب مسلم فاز فى ظل انتخابات محلية حرة ممثلا لواحد من اعرق أحزاب انجلترا وهو حزب العمال متحديا الرأسمالية العتيقة بأموالها ومناصبها ونفوذها..وعلى العالم الإسلامى استثمار هذا الحدث ان الإسلام الدين والعقيدة والبشر لا يتعارض ابداً مع روح العصر فى الحريات والعدالة..ان الشئ الغريب ان عمدة لندن المنتخب تعرض للنقد من المتطرفين الإسلاميين لأنه ليبرالى أكثر من اللازم..ان الرجل يعيش فى واحدة من اعرق الديمقراطيات فى العالم ووصل إلى المنصب من خلال إرادة شعبية جارفة وهو فخر لكل المسلمين..حين نجيد الحوار مع الآخر ونتفهم عقول الآخرين يمكن لنا ان نقدم صورة أفضل وأكمل عن ديننا الخطأ ليس فى الإسلام ولكن الخطيئة فى المسلمين وأحوالهم التى جعلت العالم ينظر إليهم بهذه الصورة وهذا يؤكد مقولة الإمام الراحل الشيخ محمد عبده حين قال من سنوات رأيت فى أوروبا إسلاما بلا مسلمين وفى بلادنا رأيت مسلمين بلا إسلام صدقت يا شيخنا