بقلم : فاروق جويدة
تفرض علينا الحياة أحيانًا حالة استسلام غريبة، ونجد حولنا كل الأشياء تسرق منا قيمة الوعى والفهم والتساؤلات.. أصعب الأشياء ألا تجد حولك من يفهمك؛ لأنه لن يقدّرك، وإذا لم نعرف أقدار الناس تضيع القيمة ويسقط الإحساس بالأشياء.. من أسوأ الظواهر السلبية فى حياة الإنسان أن يفقد إحساسه بالجمال ويهادن القبح.
الجمال ليس فقط ما تراه العين؛ إن الجمال فى الحوار ولغة الكلام، والجمال فى السلوك المترفّع، والجمال ألا تظلم وتستبد، والجمال أن تدرك أن الحياة ليست رحلة عابرة.. أما القبح، فهو يشبه الكورونا؛ يتسلل فى حياة الناس مثل الأوبئة .. إن القبح يضع على العيون غشاوة، ويضع على العقول أشباحًا من الجهل وسوء التقدير.. قبل هذا، فإن القبح أسوأ أنواع الإدمان ؛ لأنه يتنقل بين الناس، وهو أسوأ عدوى تصيب البشر، وهو يُورّث مثل كل الأشياء.
هناك أب يزرع لأبنائه الورد، وأب يترك لهم الحشائش والصبار.. وأسوأ الآباء أب يورّث القبح، وأعظم الآباء أب يترك كل ما هو جميل فى الحياة.. هناك أزمنة تعلّم الناس الجمال، وأزمنة أخرى تنشر القبح وترعاه.. لا تكن يومًا حارسًا للقبح؛ كن دائمًا رسولًا للجمال.
لا تهادن القبح فى يوم من الأيام. لا تقطع الأشجار، ولا تعتدى على حرمات البشر والأشياء، ولا تكن صوتًا لقمع الضمائر وتغييب العقول. ازرع أمام بيتك شجرة تمنحك الظلال والثمار والأمل فى أن تكبر. أمام كل بيت شجرة، وإياك أن تكون يدًا للدمار.