بقلم - فاروق جويدة
وسط غابات تسمى البشر، تنبت أشجار صغيرة، تكبر مع الأيام وتصبح منابع للخير والإنسانية .. وآخر ما حملته الأخبار ووسط مستنقعات الدم التى تغرق وجه البشرية - أمام قلوب لا تعرف الرحمة وتحولت حشود البشر إلى حشود من الحقد والكراهية - تطل علينا المذيعة الأمريكية الأشهر فى بلاد العم سام "أوبرا وينفري" وهى تعلن فى حفل اعتزالها سرا لم يعرفه العالم من قبل، فقد تكفلت برعاية وتعليم 65 ألف فقير، يحتلون الآن مناصب مهمة ومنهم خمسة أساتذة فى جامعة هارفارد أكبر الجامعات الأمريكية .. إنها نموذج للأشجار التى تزين وجه الحياة وتنشر الرحمة بين البشر، أشهر مذيعة فى أمريكا هى أوبرا ونفرى، أعلنت اعتزالها، وأقاموا لها مهرجان تكريم فى ملعب للكرة، لكن المفاجأة أن نكتشف أنها كفلت 65 ألف فقير من ربع قرن دون علم أحد.. حضر كثير منهم فى الملعب ونزل 450 شخصا بالشموع..! خمسة منهم أساتذة فى جامعة هارفارد ألقوا خطبة قصيرة، ملخصها: "لولا أوبرا لكنا الآن فى مكان ثانٍ غير هذا.! شخص واحد يغير حياة 65 ألف فرد؟ وفى السر؟ فالإنسانية ليست دينا، بل رتبة يصل إليها بعض البشر، كما قال "سقراط".. إن المذيعة الأمريكية الشهيرة التى حركت مشاعر الملايين وهى تعلن هذا الإنجاز الإنسانى والحضارى والأخلاقى تؤكد أن البشر بالرحمة يصنعون المعجزات وبالقتل يتحولون إلى هياكل بشرية، تحمل ملامح البشر، ولكنها غابات يسكنها الحقد والموت والدمار .. بعض الناس يجعلون الحياة أكثر أمنا وترفعا وقيمة والبعض الآخر ضلوا طريقهم إلى العدالة فصارت الحياة أكثر ظلما وطغيانا.