بقلم - فاروق جويدة
كثيرا ما نتحدث عن الزمن الجميل ولا أدرى عن أى زمان نتحدث .. هناك فترات ظهرت فيها المواهب والعبقريات فى كل جوانب الحياة، وبعدها استراح الزمن وراح فى نوم عميق .. إن زمن أم كلثوم وعبد الوهاب والسنباطى لم يتكرر ومازلنا نعيش على ذكرياته، وزمن محمد عبده ولطفى السيد نفتقده كثيرا أمام سطحية الفكر وأدعياء التجديد، ونفتقد زمان طه حسين والعقاد أمام الفكر الهابط، ونفتقد حزب الوفد وزعاماته أمام أحزاب ورقية ليس لها فى السياسة، ونفتقد القاهرة التى كانت أجمل مدن العالم نظافة وأمنا، ونفتقد الإسكندرية عروس البحر والتاريخ العريق، ونفتقد الجمال فى البشر والأشياء، ونفتقد أفلام السينما المصرية يوم أن كانت مدرسة للفن الراقى والإبداع الجميل، نفتقد طلعت حرب والفكر الواعى وعبود باشا وفرغلى وياسين ورجال الأعمال الشرفاء المبدعين، نفتقد حدائقنا الجميلة فى الأورمان وحديقة الحيوان والنباتات، نفتقد ألف قصر وفيلا على شواطئ النيل تحولت إلى كتل خرسانية، نفتقد صوت ليلى مراد وشادية ونجاة وعبد الحليم وفريد، نفتقد بليغ والطويل والموجى والشريف، نفتقد رامى ومأمون وقبل هذا كله نفتقد شوقى وحافظ وناجى ونزار ودرويش، نفتقد صباح فخرى والغزالى والجواهرى والسياب والبردونى والشابي، نفتقد القامات والرموز التى منحت الأوطان الهيبة والجلال ولهذا نحكى كثيرا عن الزمن الجميل .. نفتقد شعوبا أضاءت الكون بالعلم والإبداع والمواقف نفتقد السلوكيات الرفيعة، والحوار الراقى والكلمة الطيبة نفتقد الرحمة بين الناس والعدالة فى الفرص والنبل فى المواقف نفتقد الفن الراقى والكلمة المترفعة والخلق الجميل كل هذه الأشياء صنعت الزمن الجميل الذى مازلنا نستعيد ذكرياته..