بقلم - فاروق جويدة
كان الأمراء والأثرياء فى أوروبا يقدرون قيمة الفن وفى تاريخ الموسيقى أسماء كثيرة عاشت وكبرت مواهبها .. فى حدائق قصور أوروبا العريقة وفى مصر كنت تجد فى قصور الأغنياء الحفلات والمكتبات .. وقد عاش موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب فى رعاية أمير الشعراء أحمد شوقى وعاشت أم كلثوم كوكب الشرق فى رعاية القصر الملكى وخال الملك فاروق شريف صبرى .. وكان عدد كبير من أثرياء مصر يحب الفن ويشجع المواهب الكبيرة وكانت الحفلات تقام فى القصور ويجتمع فيها صفوة المجتمع .. وقد وصل الاهتمام إلى قصور الأثرياء من أصحاب الأطيان حتى إن أم كلثوم وعبدالوهاب كانا يحييان الحفلات فى ريف مصر.. وقد ظهر فى ذلك الوقت طلعت باشا حرب رائد الصناعة فى مصر، ووضع مكانة خاصة للفن والفنانين حين أقام استوديو مصر احد أعمدة السينما المصرية فى عصرها الذهبى، وأقام المسرح القومى فى ميدان العتبة، وكان صديقا لعدد من كبار الفنانين، وكان له مكتب خاص فى كل هذه المؤسسات رغم اختلاف أدوارها .. ولا أدرى لماذا انسحب الاهتمام بالفنون من حياتنا، ولم يعد أثرياء مصر يهتمون بتشجيع الفن ورعايته، خاصة أن الظروف الاقتصادية الصعبة التى نعيشها جعلت الفن آخر اهتمامات الدولة والناس .. إن تاريخ الفن المصرى تاريخ حافل وهو من أهم دعائم الدور المصرى ، وكان دائما واجهة مصر المشرفة، ولا أدرى تراجع مستوى الإبداع الآن فى مصر هل هى أزمة المواهب أم عدم الاهتمام أم ابتعاد الأثرياء عن تشجيع مثل هذه المبادرات؟! .. إن المجتمعات فى حاجة دائمة للفن وحين تتراجع الفنون فإن ذلك يحتاج إلى صحوة تعيد للحياة جمالها، وتعيد للإنسان أجمل وأعظم ما فيه.