توقيت القاهرة المحلي 16:38:31 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ماذا بقى للعالم العربى؟

  مصر اليوم -

ماذا بقى للعالم العربى

بقلم - فاروق جويدة

خرج العالم العربى من حرب غزة وهو أكثر انقساما وتفتتا وانهارت الخرائط وسقطت الأحلام، وتحول كل شيء إلى شظايا وأطلال أمام واقع عربى جديد خرج من ويلات المعركة دون أن يجنى شيئا .. أمام حرب غزة سقطت كل الاتفاقيات والمعاهدات بين الدول العربية وسادت حالة غريبة من الانفصال بين الأهداف والمصالح، وتسربت روح من الانفصالية والعزلة ووجدنا أمامنا أشلاء مبعثرة لما كان يسمى التنسيق العربي..

ـ انتهت تماما اتفاقيات الدفاع العربى المشترك التى وقعتها الدول العربية فى أزمنة عبرت ووقفت القوى العربية المكدسة فى حالة غريبة من اليأس والاستسلام .. غابت برامج الدعم الاقتصادى والإنسانى واستطاعت إسرائيل أن تفرض واقعا جديدا من السلبية على بعض القوى العربية، ونجحت فى تجويع أهل غزة رغم عشرات القرارات التى صدرت من مؤسسات دولية حول حقوق الإنسان، وإبادة الشعوب..

ـ سقطت فجأة وبلا مقدمات قضية العرب الأولى فى تحرير القدس وعودة اللاجئين وحماية الوجود العربي، تراجعت كل حكايا وقصص النضال حول الوحدة العربية واستطاعت إسرائيل بدعم أمريكى أن تسقط من تاريخ العرب كل أغنيات الوحدة والانتماء .. هربت بعض النخب العربية أمام دخان المدافع وأطلال غزة المحترقة وشعبها الصامد، وكان موقف بعض النخب العربية لا يتناسب مع تاريخها فى خدمة قضايا الأمة.. لم يظهر فى الساحة وسط هذا الدمار غير لقاءات حاولت أن تدين ما فعلته إسرائيل فى شعب غزة .. وكان الموقف الأمريكى فى دعم إسرائيل اكبر تحديات أمريكا للشعوب العربية، رغم تاريخ العلاقات بين العرب وأمريكا وقد عارضت كل القرارات الدولية التى حاولت إدانة إسرائيل.. لقد خرج العالم العربى من حرب غزة أكثر انقساما، ورغم أن إسرائيل نجحت فى تدمير غزة وقتل شعبها، فإن الشعب الفلسطينى خرج منتصرا أمام العالم كله ..

ـ إن السؤال الآن ماذا بقى للعالم العربى بعد حرب غزة وماذا عن مستقبل الشعب الفلسطينى إذا طالت الحرب واستمرت عمليات الإبادة.. فى تقديرى أن إسرائيل دفعت ثمنا غاليا فى الحرب على أمل أن تنهى القضية كلها، وخلفها الدعم الأمريكى والصمت العربى..

ـ إن موائد السياسة لن تعيد الأرض ولن تقيم الدولة لأن إسرائيل ترى أن أمامها فرصة تاريخية لإغلاق ملفات القضية الفلسطينية، ولهذا تسعى إلى إقامة كيان عربى جديد يساند مشروعها فى تصفية القضية، وإذا نجحت إسرائيل فى مد جسور التطبيع مع ما بقى من الدول العربية فسوف يكون التهجير أقصى أحلامها بعد كل خسائرها فى حرب غزة .. إن الكثيرين من العقلاء يدركون الآن أن المشروع الصهيونى يجد فرصة تاريخية أمام رفض إقامة الدولة واحتلال غزة حتى بقوات دولية وفتح فرص الاستيلاء على بترول غزة وتحويلها إلى نافذة على البحر الأبيض المتوسط ودول أوروبا، وكلها مصالح محسوبة أمام واقع عربى تجاوز كل الانقسامات .. هل يعقل أن تقدم أمريكا اقتراحا بدخول قوات عربية لتحصين الأمن فى غزة؟. صحيح أن الدول العربية رفضت ولكن هل كل شيء هان لهذه الدرجة؟!..

ـ وسط هذه العواصف لا أجد أمامى غير أن تتمسك الأمة بما بقى من ثوابتها، وأن تبنى حساباتها على مستقبل يعيد لها تماسكها لأن العواصف عاتية والعالم لا يريد لنا خيرا .. يجب أن نعود إلى ما بقى من جسور امتدت فى أعماق التاريخ ويصعب القضاء عليها، لدينا ثقافة وحدت شعوبا، وكانت زادا حضاريا وإنسانيا اعترف به العالم آلاف السنين .. لدينا لغة تواجه الآن تحديات رهيبة فى وجودها، ولدينا دين عظيم إن تمسكنا به لن نضل أبدا، ولدينا أرض تتوسط العالم تستحق أن نموت فى سبيلها، ولدينا شعوب مازالت صامدة رغم كل ما عانته فى السابق، ولدينا إرادة أكدنا بها دائما أننا «خير أمة أخرجت للناس»، وقبل هذا كله لدينا أجيال جديدة من الشباب ربما تكون أكثر إيمانا بأوطانها وأحلام شعوبها فى الحق والكرامة..

ـ إن ما حدث فى حرب غزة غير حسابات كثيرة ليس فقط فى العالم العربى ولكن غزة تتصدر الآن كل واجهات العواصم والشاشات والمنابر. نحن الآن أمام عالم ما بعد غزة، وقد يكون نهاية أشياء وكيانات ورموز وقد يكون بداية ظهور عالم جديد، هناك موت وميلاد ومن حق العالم العربى أن يكون فى مقدمة الأحياء .. لقد حاربت غزة بلا طائرات وقنابل عنقودية وانتصرت بشعبها الذى دفع ثمنا غاليا وأثبت أن الإرادة تسبق القوة وأن الإيمان هو الحق والعدل وأن الحياة ليست فيما نملك ولكن الخلود فيما ترك البشر..

ـ لقد حاربت غزة وحدها وانتصرت بإرادتها وإصرار شعبها وكان العالم ضدها، حتى بعض الشعوب العربية لم تكن على مستوى الأحداث، دعما وتأييدا، ولكننا أمام تاريخ جديد تصنعه سواعد الرجال ودماء الأطفال والأرض الطيبة التى لن تفرط فى أصحابها .. إن أوروبا التى بدأت فى تأييد إقامة الدولة الفلسطينية وفى مقدمتها النرويج وإسبانيا وأيرلندا وهذه الدول التى اعترفت بفلسطين غيرت مواقف دول كثيرة وسوف يكون ذلك سببا فى تغيير الموقف الأمريكى وأن أمريكا لن تدعم إسرائيل فى كل شيء وهذا فى حد ذاته تغيير فى الحسابات.. هناك عقدة نفسية سوف تطارد بعض العواصم العربية بسبب حرب غزة تعكس حالة التخلى وغياب المشاركة والتقصير أمام واقع إنسانى غاية فى القسوة..

ـ ويبقى أن فى تاريخ هذه الأمة ثوابت كثيرة يمكن الرجوع إليها لعلها توحد الصفوف وتجمع الشتات وتفتح أبوابا لإرادة عربية تدرك مسئوليتها فى حماية أمن شعوبها واستقرار أوطانها والدفاع عن مستقبلها، وفى التاريخ دروس كثيرة يمكن أن نعود إليها لكى ترشدنا إلى آفاق من الوحدة والتعاون وإنقاذ ما بقى لنا من مصادر القوة والحكمة والبصيرة.. ومازالت جامعة الدول العربية قادرة على أن تجمع الصف العربى ولديها من القرارات والاتفاقيات ما يمكن أن يكون بداية جديدة لأن القضية الفلسطينية أصبحت الآن فى ضمير شعوب العالم، وأن حرب غزة كانت إدانة تاريخية لم ينج منها أحد، وأن العالم العربى بكل ما فيه من الانقسامات والحروب والفوضى يمكن أن يعود مرة أخرى قوة صامدة،، المهم أن نتعلم من دروس الحاضر.

..ويبقى الشعر

نسيتُ ملامحَ وجهى القديمْ..

ومازلتُ اسألُ : هل من دليلْ ؟!!

أحاولُ أن أستعيدَ الزمان

وأذكر وجهى...

وسُمرة َجلدى...

شُحوبى القليل...

ظلالُ الدوائرِ ِفوق العيونْ

وفى الرأسٍ يعبثُ بعضُ الجنونْ

نسيتُ تقاطيعَ هذا الزمانْ

نسيتُ ملامحَ وجهى القديمْ..

عيونى تجمَّدَ فيها البريقْ..

دَمى كان بحراً..

تعثر كالحلمِ بين العروقْ..

فأصبح بئراً..

دمى صار بئرا

وأيامُ عمرى حطامٌ غريقْ..

فمى صار صمتًا.. كلامى مُعادْ

وأصبح صوتى بقايا رمادْ

فما عدتُ انطقُ شيئا جديدا

كتذكار صوت أتى من بعيدْ

وليس به اىُّ معنى جديدْ

فما عدتُ أسمع غيرَ الحكايا

وأشباحُ خوف برأسى تدورْ

وتصرخُ فى الناسِ

هل من دليلْ ؟؟

نسيتُ ملامح وجهى القديم

لأنَّ الزمانَ طيورٌ جوارحْ

تموتُ العصافيرُ بين الجوانحْ

زمانٌ يعيش بزيف ِالكلامِ

وزيف ِالنقاءِ ... وزيف المدائحْ

حطام ُالوجوه على كل شيء

وبين القلوب تدورُ المذابحْ

تعلمتُ فى الزيف ألا أبالى

تعلمتُ فى الخوفِ ألا أسامحْ

ومأساةُ عمرى.. وجه قديمْ

نسيتُ ملامحَه من سنينْ

أطوفُ مع الليلِ وسط الشوارعْ

وأحملُ وحدى همومَ الحياة

أخاف فأجرى.. وأجرى أخافُ

وألمحُ وجهى.. كأنى أراهْ

وأصرخ ُفى الناسِ هل من دليلْ؟!!

نسيتُ ملامحَ وجهى القديمْ

وقالوا..

وقالوا رأيناكَ يوما هنا

قصيدةَ عشقٍ ٍهوتْ.. لم تَتمْ

رأيناكَ حلماً بكهفٍ صغير

وحولكَ تجرى .. بحارُ الالمْ

وقالوا رأيناكَ خلف َالزمانِ

دموعَ اغترابٍ .. وذكرى ندمْ

وقالوا رأيناكَ بين الضحايا

رُفاتَ نبىًّ مضى .. وابتسمْ

وقالوا سمعناكَ بعد الحياةِ

تُبشَّر فى الناسِ رغم العدَمْ

وقالوا..وقالوا .. سمعتُ الكثيرْ

فأين الحقيقةُ فيما يقالْ ؟

ويبقى السؤالْ..

نسيتُ ملامح وجهى القديمْ

ومازلتُ أسألُ .. هل من دليلْ ؟!!

مضيتُ أُسائل نفسى كثيراً

تُرى أين وجهى .. ؟!!

وأحضرتُ لوناً وفرشاة رسم ٍ..

ولحنـًـا قديمْ

وعدتُ أُدندنُ مثل الصغارْ

تذكرتُ خَطـًا

تذكرتُ عينـًا

تذكرتُ أنفـًا

تذكرتُ فيه البريقَ الحزينْ

وظلٌّ يدارى شحوبَ الجبينْ

تجاعيدَ تزحفُ خلفَ السنينْ

تذكرتُ وجهىَ

كلَّ الملامح.. كلًّ الخطوطْ

رسمتْ انحناءاتِ وجهى

شُعيرات ِرأسى على كل بابْ

رسمتُ الملامحَ فوق المآذِنِ..

فوق المفارقِ..بين الترابْ

ولاحت عيونىَ وسط السحابْ

وأصبح وجهى على كلَّ شىء

رُسوماً..رُسومْ

ومازلتُ أرسمُ .. أرسمُ .. أرسمْ

ولكنَّ وجهى َما عاد وجهى..

وضاعت ملامحُ وجهى القديمْ.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا بقى للعالم العربى ماذا بقى للعالم العربى



GMT 07:07 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

«الحياة الأبدية» لمقاتلي روسيا

GMT 07:02 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... السنجاب المحارب!

GMT 07:00 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الأولوية الإسرائيلية في الحرب على لبنان

GMT 06:58 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

تثمين العقلانية السعودية

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

من ينتخب الرئيس... الشعب أم «المجمع الانتخابي»؟

GMT 06:54 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

«أرامكو» وتحوّل الطاقة

GMT 06:52 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

بريطانيا: المحافظون يسجلون هدفاً رابعاً ضد «العمال»

GMT 06:50 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

اليوم التالي في واشنطن استمرارية أم انعطافة؟

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 02:55 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أبرز قصات فساتين الزفاف الهالتر الرائجة في 2025
  مصر اليوم - أبرز قصات فساتين الزفاف الهالتر الرائجة في 2025

GMT 18:09 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه
  مصر اليوم - بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه

GMT 08:32 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريس "قلق جدا" لوجود قوات كورية شمالية في روسيا
  مصر اليوم - غوتيريس قلق جدا لوجود قوات كورية شمالية في روسيا

GMT 10:57 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

درّة تكشف تفاصيل دخولها لعالم الإخراج للمرة الأولى
  مصر اليوم - درّة تكشف تفاصيل دخولها لعالم الإخراج للمرة الأولى

GMT 09:38 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الحوت

GMT 00:05 2023 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الأهلي يستقر على التجديد لعمرو السولية

GMT 07:13 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

جزء ثانٍ من فيلم «موسى» في صيف 2022 قيد الدراسة

GMT 13:06 2021 الثلاثاء ,08 حزيران / يونيو

أنشيلوتي يحسم موققه من ضم محمد صلاح إلى ريال مدريد

GMT 09:11 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الحمل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon