بقلم - فاروق جويدة
لم تعد أمريكا كما كانت والغريب أن تضع غزة بملايينها القليلة من البشر نهاية الدولة العظمى التى تحكم العالم منذ عشرات السنين.. كانت نهايات الدول العظمى تأتى على يد قوى جديدة صاعدة أمام حروب ضخمة أو إنجازات غير مسبوقة، وكانت أمريكا قد أطاحت بكل القوى فى الحرب العالمية الثانية، فقد صعدت على أنقاض ألمانيا واليابان وإنجلترا وفرنسا بينما صمدت روسيا لتكون ندا لأمريكا.. طوال فترة الحرب الباردة كانت أمريكا القوة الصاعدة هى التى حسمت الموقف مع اليابان حين استخدمت قنبلة هيروشيما، ثم شاركت فى إجهاض المانيا النازية وأنقذت فرنسا وهمشت إنجلترا وأصبحت زعيمة المعسكر الغربى أمام روسيا الصاعدة.. والغريب أن يعيد التاريخ نفسه ويكرر أحداثا لكى تسقط أمريكا فى حرب غزة وتتورط فى مغامرة خاسرة وأمامها قوى جديدة مثل الصين والهند وقوى من الميراث القديم مثل روسيا، بينما تقف دول أخرى تبحث عن دور ومكانة مثل إيران، ويقف العالم العربى خارج السياق بل خارج السباق وكان الأولى به أن يتصدر المشهد خلف المقاومة الفلسطينية التى قدمت للعرب نصرا وإنجازا دون أن يكونوا شركاء فيه.. إن من المؤكد أن أمريكا خسرت أوراقا كثيرة، قد تفرض عليها عزلة تاريخية داخل حدودها أو أن تقبل ظهور زعامات أخرى مثل الصين أو أن تنسحب بكرامة وتتراجع عن قيادة سفينة العالم التى غرقت فى غزة.. أما إسرائيل فلن يكون لها دور أكثر من مراجعة أسباب هزيمتها وقد تنتظر الدور الثانى فى الامتحان الذى سقطت فيه.. هناك عالم جديد يتشكل الآن وقد تختفى دول وتصعد دول أخرى أمام انسحاب أمريكا من المشهد وقد تكون هناك جولات أخرى حربا أو سلاما ولكن المؤكد أن أمريكا أكبر الخاسرين فى حرب غزة.