بقلم - فاروق جويدة
منذ سنوات وأنا أراقب أسراب العصافير وهى تطير على الأشجار، وقد لاحظت أن أعدادها تقل وأحيانا تختفى وقد كتبت أكثر من مرة عن ظاهرة اختفاء العصافير، وقد لاحظت أن السبب وراء ذلك هو قطع الأشجار وأن العصافير لم تعد تجد مكانا تسكنه ويحميها من صخب الشوارع وضجيج الحياة وقسوة البشر.. وقد فوجئت أخيرا أن العصافير اختفت تماما حتى عن بقايا الأشجار ولا أدرى أين ذهبت العصافير هل ماتت؟! هل انقرضت، أم سكنت مناطق أخرى؟!.. والآن أشعر بحزن شديد، لأن العصافير غابت. كنت أصحو على غنائها كل صباح وأراها من شرفتى الصغيرة وهى تحلق أفواجا ثم تعود إلى بيوتها ، كنت أعرف ألوانها وأنواعها وكانت تتسلل بينها أنواع نادرة ومنها الكنارى .. وكنت يوما قد اشتريت نوعا نادرا من الكنارى وكان يجيد الغناء وفوجئت بعصفورة من نفس نوعه تدخل الشرفة وتحلق فوق قفصه وعاشا معا فترة طويلة، وتزوجا وأنجبا عصفورا وحيدا، وماتا معا، وحاولت أن أعوض خسارتى فيهما فى هذا العصفور الصغير ولكنه للأسف الشديد ترك العش وطار ، ومن يومها حرمت على نفسى أن أصادق عصفورا فى بيتى، ولكن المشكلة الآن أن عصافير الشارع اختفت تماما ومع قطع الأشجار يبدو أنها اختارت مكانا آخر أو رحلت عن مدينتنا .. من يعيد العصافير مرة أخرى ، لم يكن وجودها نوعا من الرفاهية ولكن الجمال حين يرحل يصبح القبح بديلا .. والآن أصبحت أخاف لأن أسرابا من الغربان تحلق أمام شرفتى ولهذا احزن كلما لمحت عصفورا يطل من بعيد ويجرى هاربا خوفا من الغربان .. أصعب الأشياء أن تكون عاشقا للجمال وتجد وأنت تعيش خريف العمر أن أشباح القبح تطاردك فى كل مكان.. أعيدوا الأشجار ربما عادت العصافير إلى شارعنا مرة أخرى..