فاروق جويدة
برغم كل ما حدث في معركة الانتخابات الأمريكية بين اوباما ورومني انتهي كل شئ بشكل حضاري بإعلان النتيجة وفوز الرئيس أوباما..
لم يأخذ المرشح المهزوم فريقا من رجاله ويهاجم البيت الأبيض ليمنع الرئيس المنتخب من الوصول إليه.. ولم يخرج رومني علي شاشات التليفزيون يلعن الرئيس أوباما ويقول انه كان أحق منه بالبيت الأبيض.. ولم يشتبك أنصار المرشحين في الميادين تحت اي شعار لأن الديمقراطية الحقيقية هي الربح والخسارة والفوز والهزيمة.. حدث الشئ نفسه حين خرج الرئيس ساركوزي مهزوما في الإنتخابات الفرنسية وظهر في اليوم التالي لفوز الرئيس هولاند برئاسة فرنسا يعانق الرئيس المنتخب ولا يخجل من هزيمته مع انه كان يسكن قصر الإليزيه وتحت إدارته كل شئون الدولة.. هذه النماذج الحضارية في السلوك تمثل الروح الحقيقية للديمقراطية بعيدا عن اساليب التزوير والإقصاء والإستيلاء علي السلطة بالقوة.. ان الدول التي تخطو خطواتها الأولي نحو الديمقراطية يجب ان تتعلم اولا اصولها في الحوار وثقافة الإختلاف وان تحترم نتائج صناديق الإنتخاب وان تدرك ان الوصول للسلطة ليس هدفا في حد ذاته ولكنه وسيلة لخدمة الشعوب وتحقيق العدالة وإقامة دولة عصرية متقدمة.. في مقارنة بسيطة بين ما حدث في امريكا وفرنسا من توابع إيجابية للإنتخابات وما شهده الشارع المصري حتي الأن من صراعات فجة بين التيارات السياسية بحيث اصبح الهدف هو السيطرة الكاملة علي كل شئ دون إحساس بالمسئولية.. في امريكا وفرنسا وغيرها من الدول المتقدمة تنتهي كل الصراعات والمعارك مع إعلان النتيجة ويعود المواطنون إلي اعمالهم أما عندنا فمازال الشارع يغلي ومازال التراشق بالإتهامات والإعتصامات والمظاهرات وقبل هذا كله شعب لا يعمل.. إن ابسط القواعد الديمقراطية في العالم هو الإعتراف بالرأي الآخر وإرساء مبدأ الحوار واختلاف الأفكار وإذا غابت هذه الأشياء والمفاهيم فإن الديمقراطية تتحول إلي فوضي ويصبح من الصعب بل من المستحيل تحقيق الأمن والإستقرار ومع تعدد التجارب اكتسبت الشعوب خبرات كثيرة وتعلمت كيف تتصارع الأفكار بلا فوضي وكيف تختلف الآراء بلا إتهامات وصراعات وشتائم.. هناك فرق.
fgoweda@ahram.org.eg
نقلًا عن جريدة "الأهرام"