مصر اليوم
منذ قيام ثورة يناير وحتي الآن شهد الشارع المصري عشرات المليونيات ما بين الإخوان والسلفيين والتيار الديني والقوي السياسية الأخري.
وإذا كان من حق القوي الليبرالية ان تتظاهر فأنا لا أجد مبررا للتيارات الإسلامية وهي في سلطة القرار ان تتظاهر إلا إذا كانت تتظاهر ضد نفسها.. في ثورة يناير كانت هناك مليونيات جمعت المصريين جميعا بإختلاف انتماءاتهم السياسية وبعد ان اختلف الفرقاء بدأ كل فريق يتظاهر وحده بل ان القضية وصلت إلي درجة الرفض الكامل.. وظهرت مناطق أخيرا للتيارات الإسلامية يتظاهرون فيها امام جامعة القاهرة بينما بقيت التيارات الأخري المعارضة في ميدان التحرير وبعد ان كانت هذه المظاهرات ضد فلول النظام السابق ورموزه تحولت الآن إلي مظاهرات ضد من شاركوا في الثورة.. وكلما شاهدت استعراضات القوي بين التيارات السياسية سألت نفسي: هل يسترجع هؤلاء صور الشهداء الذين تساقطوا امامهم طوال ايام الثورة وهل يتذكر هؤلاء تلك الدماء الطاهرة وهي تتسابق في رحلتها للسماء وكيف اجتمعت الملايين ذات يوم علي هدف واحد والآن لا يجمعها هذا الهدف؟..إن ما يحدث في الساحة السياسية هذه الأيام يثير كل الوان الحزن والشجن.. أحداث تذكرنا بما كنا نعانيه قبل الثورة من الرفض والإقصاء ومحاولات السيطرة..تظاهرات كانت يوما تضم كل القوي السياسية والآن أصبح لكل فريق مليونية ومكان وشعارات.. والأخطر من ذلك كله تلك الشعارات التي اساءت لكل شيء إبتداء بالإتهامات بالكفر وانتهاء بالبذاءات والشتائم..ان البعض يستخدم ذلك بدافع الوطنية والبعض بدافع الدين ولا اعتقد ان ما نسمع ومانري يتصل من قريب أو بعيد بالدين أو الوطن.. لا أجد مبررا علي الإطلاق لأن تتظاهر سلطة حاكمة تتمثل الآن في التيارات الدينية بل إن الأجدر بها ان تفتح ابواب الحوار مع المعارضة إذا كان هناك إيمان حقيقي بالديمقراطية والحوار..هناك ألغام كثيرة في الشارع المصري وأي محاولة لتفجيرها يمكن ان تحملنا إلي مخاطر أكبر..إن أسوأ ما في كل هذه الظواهر انها تعيد أشباح الماضي وصورة الحزب الوطني ورموز العهد البائد ومحاولات الإقصاء والتشويه والخديعة.
fgoweda@ahram.org.eg
نقلاً عن جريدة "الأهرام"