فاروق جويدة
لم يتحمل قلب عمار الشريعي أحداث مصر الدامية وهو يري ببصيرته شبابها الثائر يقتل بعضه بعضا امام قصر الإتحادية في مصر الجديدة..
توقف القلب الرقيق الذي شارك هؤلاء الشباب ثورتهم في25 يناير وكانوا حديث العالم كله.. لم يصدق قلب عمار الشريعي ان أشقاء الأمس أصبحوا الآن الإخوة الأعداء امام صراعات سياسية فرقت بينهم وان من حملوا أعلام الثورة لطخوها بدمائهم وهم يتساقطون امام صراعات ومعارك ليس فيها فائز ولا مهزوم..توقف قلب عمار الشريعي الفنان المثقف الرقيق الذي ملأ هذا الوطن حبا ووفاء وصدقا وعذوبة.. انطلق أسم عمار الشريعي في سماء الموسيقي العربية عازفا يجوب ارجاء المحروسة في الفرق الموسيقية حتي أنشأ فرقته الشهيرة الأصدقاء وامام جيل كامل من الشباب قدم الشريعي مشروعا متكاملا لتوزيع اعمال الفنانين الكبار في موسوعة موسيقية حديثة أبهرت الجميع واعادت للشباب إحساسه بعبقرية الموسيقي العربية. في هذه الموسوعة قدم عمار الحان كبار المبدعين المصريين..وسرعان ما انطلق اسم عمار الشريعي مع الدراما المصرية في ازهي عصورها مع المخرجين الكبار ومع أبرز شعراء العامية المصرية طاف الشريعي يقطف معهم اجمل الكلمات واعذب الألحان
كان عبد الوهاب يحب كثيرا عمار الشريعي ويقول عنه انه ابرز ابناء جيله وانه جمع الموهبة مع الثقافة وكان يسمع كل ليلة برنامجه الشهير غواص في بحر النغم وكان يبهره كثيرا عمار وهو يشرح ويحلل للمستمعين لحنا من الألحان ويطوف بهم في رحاب الإبداع المصري الأصيل..كان عمار واحة من الفن الجميل جمع فيها اعماله بكل إحساسه الصادق وزينها بأعمال كل من أحب من الفنانين في مجالات الإبداع ألحانا وغناء وطربا
حين اقتربت من عمار الشريعي كانت زحمة الأيام والأحداث والبشر قد أخذتنا بعيدا فلم تتح لنا سنوات العمر وهي تسرع ان نعايش بعضنا أكثر ولكنني احببت صدقه وموهبته وثقافته الواسعة في دنيا الموسيقي..كان ضاحكا ساخرا يشع البهجة علي كل شيء حوله ولكنه كان فنانا حزينا وحين اجتمعت الإبتسامة مع حزنه ملأ حياتنا بشيء جميل اسمه الصدق فقد البصر في طفولته ولكنه لم يفقد البصيرة
نقلاً عن جريدة "الاهرام".