فاروق جويدة
احتفل أخيرا بيت الشعر المصري بالذكري المئوية لميلاد الشاعر الكبير صالح جودت التقيت به لأول مرة في بداية السبعينيات مع الراحل الكبير كمال الملاخ والروائي الراحل إبراهيم الورداني وحتي هذا الوقت لم أكن معروفا كشاعر بعد ان سافرت في دنيا الأرقام والاقتصاد سنوات طويلة.. توطدت العلاقة بيني وبين صالح جودت
وكان يومها رئيسا لمجلس إدارة دار الهلال مع رئاسة تحرير المجلة العريقة الهلال.. كنت في زيارته وتركت له قصيدتين وقلت له انهما تخصان صديقا لي يريد ان يعرف رأي شاعرنا الكبير.. ومرت اسابيع وفوجئت بصالح جودت يتصل بي ويسألني عن اسم الشاعر صاحب القصيدتين لأنه اختار واحدة منهما لتنشر في مجلة الهلال ولم يبق غير الاسم.. فقلت له ان القصيدتين تحملان اسمي وتعجب كيف اخفيت عنه هذه الحقيقة.. كان صالح جودت من أبرز وأهم شعراء جماعة ابولو مع إبراهيم ناجي وعلي محمود طه والهمشري والشرنوبي وإن اعطت الصحافة لصالح جودت بريقا خاصا.. كانت له حكايات كثيرة مع السياسة وكان مرفوضا في عهد الرئيس عبد الناصر ثم استعاد مكانته في عهد السادات الذي كان يحبه كثيرا.. كتب صالح جودت عددا من الأغاني مع رصيد كبير من شعر الفصحي وخاض معركة ضارية ضد نزار قباني حين كتب قصيدته الشهيرة هوامش علي دفتر النكسة ورغم رقته الشديدة في قصائده إلا انه كان قاسيا جدا في معاركه الصحفية وكان من أهم إنجازاته الأدبية جمع شعر إبراهيم ناجي بالاشتراك مع د. أحمد هيكل الأديب والرجل الفاضل ووزير ثقافة مصر الأسبق كما أشترك الثلاثة جودت ورامي وأحمد هيكل في اختيار أبيات قصيدة الأطلال لسيدة الغناء العربي وهي تجمع مقاطع من ثلاث قصائد كتبها إبراهيم ناجي واصبحت أغنية القرن حسب تصنيف منظمة اليونسكو العالمية.. كان صالح جودت شاعرا رقيقا وقلما صحفيا شديد القسوة في خصوماته وان بقي في كل الحالات علامة من علامات الشعر العربي المعاصر وأحد رموزه في عصره الذهبي.
نقلاً عن جريدة "الأهرام"