فاروق جويدة
تعرض اللواء أحمد جمال الدين وزير الداخلية السابق لهجوم شديد من بعض رموز التيارات الدينية لأن الرجل حاول تطبيق القانون و فرض احترام هيبة الدولة..
وخلال الشهور القليلة التي قضاها جمال الدين ابلي الرجل بلاء حسنا واستطاع ان يعيد لجهاز الشرطة الكثير من التماسك والانضباط والمصداقية.. وامام ظروف تاريخية صعبة عاشها الشارع المصري وعلاقة متوترة بين المواطنين والشرطة استطاع جمال الدين ان يمد جسورا كثيرة من التواصل بين الشرطة والشعب بعد مواجهات دامية منذ قيام ثورة يناير..وقد يري البعض ان الشرطة لم تتدخل في مواقف كثيرة حرصا منها علي ارواح المواطنين خاصة موقعة الاتحادية, ولو ان الشرطة قاومت المتظاهرين في هذا اليوم لشهدت الاتحادية مذبحة كبري.. وفي تقديري ان الشرطة تعاملت بحكمة شديدة أثناء عمليات التلتحام بين الإخوان والمعارضة.. كان البعض الآخر يري ان الشرطة لم تتعاطف بدرجة كافية مع الشرعية ومنها حماية الإخوان حتي ولو أخطأوا, والحقيقة ان دور الشرطة ان تحمي شعبا ولا تحمي فصيلا أو جماعة.. ان ما حدث امام الاتحادية كان تصرفا حكيما من وزير الداخلية.
لقد تغيرت مفاهيم كثيرة في أداء الشرطة المصرية منذ قيام الثورة فتحولت من جهاز لحماية أمن النظام إلي جهاز لحماية شعب ووطن ودولة.
نحن الأن نحاول ان نبني جهازا جديدا للشرطة يقوم علي الولاء للوطن وليس للحاكم وان يحمي المواطنين جميعا لأن ذلك من صميم مسئولياته والا يتحول إلي عصا في يد حاكم أو مسئول ضد معارضيه أو دفاعا عن انصاره, في ظل هذا المفهوم يجب ان نوجه التحية للواء احمد جمال الدين وهو يترك موقعة, بعد ان ترك بصمة واضحة علي أداء جهاز الشرطة في الشهور القليلة التي تولي فيها مسئولية الأمن في هذا الوطن. ان وزارة الداخلية تمثل الآن عبئا ثقيلا علي كل صاحب قرار فسوف يجد نفسه حائرا ما بين مسئوليته عن حماية شعب ومسئوليته عن حماية نظام وحتي لا يتحول إلي آداة في يد أحد يجب ان يكون الانتماء للوطن.. والوطن وحده.
نقلاً عن جريدة "الأهرام"