فاروق جويدة
الدعوة إلي الله رسالة سامية ينبغي ان تتسم بالحكمة والموعظة الحسنة.. والإعلام رسالة نبيلة ينبغي ان تقدم القدوة والنموذج في الأخلاق والسلوك
وما يحدث الآن من صراعات ومعارك بين اصحاب الدعوة ورموز الإعلام شيء لا يليق بنا علي كل المستويات السلوكية والأخلاقية.. ان المواطنين ينتظرون الآن يوم الجمعة من كل اسبوع حيث تدور المعارك بين خطباء المساجد ومقدمي البرامج علي شاشات التليفزيون.. والآن يشاهد العالم كله صراعات القوي الدينية والقوي الإعلامية في مصر وهي تطلق أسوأ الشتائم التي تقتحم العيون والعقول والبيوت في هجوم عدواني رهيب..علي المنابر المصرية الآن تنطلق الاتهامات بالكفر والعمالة وسرعان ما تحملها شاشات الفضائيات الدينية إلي الملايين علي الكرة الأرضية وبعد دقائق ينطلق الرد من البرامج التليفزيونية بشتائم أسوأ والغريب ان كل فريق لا يتردد في ذكر الأسماء وكأنها فضائح علنية..أحد الشيوخ يتهم أسماء إعلامية معروفة بالكفر والإلحاد وعلي نفس المنهج يتهم مقدمو البرامج الشيوخ بالتخلف العقلي..هل هذه هي مصر وهل هذا هو الحوار والفكر والثقافة وهل هذا هو الإسلام القدوة والنموذج والسلوك..وهل هذا هو الإعلام الذي نريده في بناء إنسان أفضل..وماذا يتعلم ابناؤنا من هذا الهزل غير التطرف والبذاءات والشتائم..وإذا كان هناك تجاوز في الإعلام فأين حكمة الشيوخ وترفع الدعاة..وكيف يسمح اصحاب الفضائيات بهذا الإسفاف الإعلامي وكيف تسمح وزارة الأوقاف لدعاتها بهذه الأساليب الخطابية الرخيصة والفجة التي تدعو للكراهية بين ابناء الشعب الواحد, وتشعل نار الخصومات والإنقسامات بين المواطنين, ما بين مؤمن وكافر..لقد وصل الأمر إلي درجة من الخطورة التي تتطلب وضع نهاية لهذه المعارك وهذه الخصومات, بين رموز الدعوة ورموز الإعلام, وحين يتحول المسجد إلي منصة لإطلاق الصواريخ وتتحول الفضائيات إلي مراكز لإشعال الفتن, فإن ذلك يمثل تهديدا خطيرا لوحدة هذا الشعب, وإذا كان البعض يفعل ذلك كله وهم ابناء عقيدة واحدة اساسها السماحة والترفع فماذا نفعل امام ابناء العقائد الأخري, وماهو مستقبل مصر في ظل هذا الخراب الفكري وهذا الإنهيار السلوكي
مطلوب وقفة جادة مع هذه التجاوزات التي تهدد كل شيء في مصر الآن.
نقلاً عن جريدة "الأهرام"