فاروق جويدة
تسألني إحدي القارئات عن حبيب قرر الرحيل فجأة دون سبب أو استئذان..وتقول في رسالتها كنا علي وشك الارتباط كما وعدني ولكنه انسحب من حياتي وترك خلفه جرحا داميا هل أصبحت الخيانة والغدر من سمات الزمن الذي نعيشه الآن ثم تسأل هل انتهي الحب من حياتنا امام مظاهر العنف والقسوة التي اجتاحت كل شيء.. لقد تغيرت اخلاق الناس في حواراتهم ومعاركهم ومشاعرهم..
انظر إلي لغة الحوار ومعارك الصفوة وصفحة الحوادث في الجريدة سوف تجد مجتمعا آخر وبشرا آخرين غير الذين نعرفهم..
أقول للقارئة هناك بيت قديم من الشعر لا اعرف صاحبه يقول لو تمني البعد عني.. نور عيني ما تبعته.. وهذا الحبيب الذي رحل دون ان يبدي سببا أو يبرر موقفه لا يستحق السؤال.. لأنه يفتقد الشهامة.. ان ابسط الأشياء ان تستأذن اصحاب البيت وانت تودعهم لا ان تتسلل متخفيا كاللصوص وتنسحب دون ان تودع قلوبا احتوتك بأنبل المشاعر.. هل يعقل ان انزل ضيفا علي بيت من البيوت ثم اترك البيت دون استئذان اصحابه.. كان ينبغي ان يتوقف هذا الحبيب الراحل قليلا قبل ان يجمع أيامه ويمضي ويبدي عذرا أو يشرح سببا قبل ان يترك خلفه جراحا لا أحد يعلم متي يبرأ صاحبها.. ان مثل هذه الجراح يمكن ان تنزف زمنا طويلا لأننا لم نعرف اسبابها حتي نعالجها.. ان هذه القارئة سوف تدور حائرة بين الهواجس والظنون تسأل نفسها ماذا فعلت حتي تصل بها الأيام إلي هذه النهاية المؤلمة.. قبل ان نقرر الرحيل يجب ان تتسم اخلاقنا بشيء من النبل والترفع ولا نغلق الصفحة بهذه القسوة لأننا نتعامل مع القلوب والمشاعر ومن الأفضل ان تغرس وردة قبل ان تغرس سهما.. وإذا كان الموت ضرورة فاترك علي القبر وردة وكلمة اعتذار رقيقة ربما شفعت لك يوما وانت تلقي نفس المصير مع حبيب آخر رحل عنك ونسي ان يصافحك ويطلب الغفران.
نقلاً عن جريدة "الأهرام"