فاروق جويدة
منذ زمان بعيد والثقافة العربية ترفض بصورة قاطعة المسلسلات الدينية التي يظهر فيها الأنبياء والصحابة..وكانت المفاجأة ان يتم إنتاج مسلسل قطري سعودي التمويل عن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه..
وبدأت بعض الفضائيات العربية تقدم المسلسل الجريء الذي يتعارض مع كل توصيات المؤسسات الدينية الكبري وفي مقدمتها الأزهر الشريف..في سنوات سابقة كانت الدراما الدينية تدور حول هذه الشخصيات ولا تقترب منها خاصة فيلم الرسالة وهو من الأعمال السينمائية الكبري التي ظهر فيها النجم العالمي انطوني كوين ومعه العملاق عبد الله غيث..في مسلسل سيدنا عمر رضي الله عنه شاهدت عملا فنيا فيه تناقضات شديدة..ان المسلسل كتبه رائد الدراما السورية التاريخية د.وليد سيف وهو من أفضل كتاب هذا النوع من الدراما وأخرجه المخرج الشاب حاتم علي صاحب المسلسل الشهير عن الملك فاروق..توقفت كثيرا عند الفنان سامر إسماعيل وهو الذي جسد شخصية سيدنا عمر رضي الله عنه.. كان الحوار ممتعا من حيث الأفكار والصياغة ولكن ملامح الفنان وأداءه للشخصية كان حادا وشعرت ان هناك مساحة تصل إلي حد التناقض بين سماحة القول.. وقسوة الملامح.. ان المسلسل يتناول حياة سيدنا عمر منذ كان إنسانا بسيطا حتي صار حاكما عادلا لأكبر إمبراطوريات هذا العصر وفي حياته أحداث كثيرة فيها ثراء كبير ولكن المسلسل غلبت عليه لغة الحوار الجميل المبهر في حين كانت الدراما عادية في حركتها وشخصياتها واماكنها وحتي معاركها خاصة ان كاتب السيناريو وضع كل إمكانياته في شخصية سيدنا عمر ولم يترك فرصة للشخصيات الأخري في سياق العمل الفني.. كان من الواضح ان حجم النفقات علي المسلسل ضخم للغاية وجمع أكثر من500 فنان عربي ولا أدري لماذا غابت مصر تماما عن هذا العمل..لا أريد الحديث عن الأخطاء في الأحداث التاريخية وقد لقيت معارضة قوية رغم ان مجموعة من علماء المسلمين راجعت النص التاريخي وكان علي رأسهم العالم الجليل د. يوسف القرضاوي..لابد ان اعترف انني لم أجد في المسلسل سيدنا عمر رضي الله عنه كما عرفته واحببته وقرأت عنه كثيرا في كتب التاريخ.
نقلاً عن جريدة "الأهرام"