فاروق جويدة
علماء النفس يحذرون من انتشار مجموعة من الظواهر الصحية المرضية بين الأجيال الجديدة من الشباب في مصر وفي مقدمتها الاكتئاب.. ومع هذه الظاهرة انتشرت معدلات الجريمة وارتفعت بصورة غير مسبوقة..
في صفحات الحوادث انواع جديدة من الجرائم التي تتسم بالعنف الشديد ولاشك ان هذه الظواهر لها جوانبها الاجتماعية والنفسية, ولكننا لا نستطيع ان نتجاهل البعد السياسي فيما يواجه شباب مصر من المحن والأزمات.. إن هذا الشباب هو الذي قام بالثورة واسقط النظام ودفع حياته ثمنا لذلك ويجد الآن نفسه خارج السياق بعد ان سقط أجيال أخري علي الغنائم وبدأت رحلة صراع جديدة مع بعضها البعض وصلت بنا إلي ما نحن فيه.. إن هذا الشباب الذي ضاعت منه كل فرص الحياة الكريمة عملا وإنتاجا وابداعا يجلس ليلا امام شاشات الفضائيات يتابع الأكاذيب والمعارك والصراعات علي وجوه لم يكن لها دور علي الإطلاق وبرغم هذا تصر علي السطو علي الغنيمة برغم انها مسمومة.. كان ينبغي ان يتصدر الشباب المصري المشهد بعد الثورة وان يشارك في إعادة البناء, ولكنه وجد نفسه وحيدا امام تيارات وقوي سياسية استخدمته وسخرته لخدمة مصالحها واهدافها.
نحن امام اجيال ترفض إسدال الستار والنزول من المسرح برغم ان المسرحية انتهت وكتبت آخر سطورها وهي إدانة قاسية لهذه الأديان.. إن الإصرار علي البقاء علي مسرح الأحداث يمثل جريمة في حق هذا الوطن ولا يعقل ان يتصدر جيل واحد المشهد كاملا عشرات السنين رافضا ان يترك الساحة.. ولهذا لم يكن غريبا ان يصاب نصف المجتمع المصري بالاكتئاب والنصف الآخر بالأمراض امام40 مليون مواطن يعيشون تحت خط الفقر و20 مليون مواطن لا يقرأون ولا يكتبون, فهل بعد ذلك يمكن ان تستمر هذه المسرحية الهزلية من الفشل والصراعات وإهدار قدرات الوطن امام عقول أفلست وأجيال لم يعد لديها الجديد من حق شباب مصر ان يمسك بقيادة السفينة لأنه الأجدر والأحق ولا بديل غير ذلك.
نقلاً عن جريدة "الأهرام"