فاروق جويدة
لا أدري من اين هبت علي المصريين هذه العواصف والزوابع الكلامية التي هبطت بلغة الحوار إلي أحط درجاتها..
ما يجري الآن من تعليقات علي الفيس بوك والتويتر وبعض البرامج والصحف جرائم قانونية وقذف وشتائم لا تليق علي الإطلاق مع حضارة السبعة الاف سنة كما يدعي المؤرخون..اشعر بخجل شديد باسم ملايين الأمهات وملايين البنات اللاتي يسمعن أو يقرأن التعليقات الساقطة علي الفيس بوك.. في تقديري ان كل شيء يمكن ان يقال نقدا وتعليقا وموافقة ورفضا ولكن المهم كيف يقال وما هو الأسلوب وكيف يتم اختيار الكلمات؟ كلنا يعلم ان عالم الفيس بوك والتويتر عالم فسيح ولا احد فيه يعرف الأخر وتستطيع ان تقول كل ما تريد ولا يصل إليك أحد إلا ان هذا لا يمنع المسئولية الأخلاقية فيما يقول الإنسان أو يكتب.. ملايين الكلمات الساقطة تهبط كل يوم بل كل دقيقة علي رءوس الناس دون ذنب أو جريمة.. ويتنافس الملايين ايهم أكثر إسفافا في اختيار الكلمات وايهم أكثر ضراوة في تشريح سمعة الناس والإساءة إليهم.. في زمان مضي كنا نتعلم الحوار الجميل في افلام السينما وتستطيع ان تأخذ درسا في اللغة العربية في ارقي مستوياتها وانت تسمع يوسف وهبي أو فاتن حمامة ومديحة يسري وشادية وليلي مراد ومئات من الفنانين الكبار كان الفيلم المصري درسا في اللغة والأخلاق والسلوك ولهذا دخل كل بيت عربي وحين غنت ام كلثوم الأطلال وولد الهدي وانا لن اعود إليك وصل الشعر العربي إلي أدني مستويات الثقافة عند رجل الشارع ولكننا الأن نقرأ ونسمع ونشاهد احط اساليب الحوار في المسلسلات والتعليقات والحوارات وللاسف الشديد لا احد يعلم متي يتوقف هذا المستنقع الرهيب من الشتائم.. والغريب ان هذا الحوار الهابط لم يترك فصيلا سياسيا لأنه لغة الليبراليين والعلمانيين والمتدينين وغير المتدينين.. انها لغة جديدة ساقطة وهابطة ولا تليق بشعب عظيم كان اول من علم الناس معني الحضارة والسلوك والأخلاق.
اعيدوا للشارع المصري ثوابته القديمة يرحمكم الله.
نقلاً عن جريدة "الأهرام"