فاروق جويدة
مع احتراق أكثر من مكان في القاهرة في يوم واحد بعد الحكم في مذبحة بورسعيد خرجت شظايا وطلقات كثيرة علي لسان بعض القوي السياسية التي تحتاج إلي تحقيق قضائي وليس مجرد تعقيب أو مساءلة..
عندما تصرح بعض قيادات هذه القوي بأن هناك خطة لإنشاء تجمعات اهلية لحفظ الأمن بدلا من قوات الشرطة فنحن امام مشروع إنشاء ميليشيات أمنية مسلحة..وعندما يطالب أحد المسئولين في حزب الحرية والعدالة بإنشاء شركات خاصة للأمن ومنحها حق الضبطية القضائية وامتلاك السلاح فنحن امام إنشاء مؤسسات أمنية جديدة خارج مؤسسات الدولة وعندما يقف أحد المسئولين في فصيل إسلامي ويقول ان هناك قوي مدنية جاهزة للتدخل وحفظ الأمن وفرض الإرادة الشعبية فهذا ايضا كلام خطير وفي محافظات الصعيد دعا البعض إلي إقامة شرطة مدنية..ان البعض يري ان هناك فرصة لإنشاء وزارة داخلية موازية وهذا يعني إعطاء الحق للأحزاب الدينية في إنشاء فصائل وميليشيات أمنية لحماية نفسها والقيام بدور أجهزة الأمن في الشارع..وهذا معناه ان تجد فريقا من المواطنين يقتحم عليك بيتك ويلقي القبض عليك وتجد نفسك امام جهات تحقيق شعبية وربما تعرضت للتعذيب علي يد هؤلاء حتي تدلي باعترافاتك..والسؤال هنا أين ستكون اجهزة الأمن الرسمية وماذا ستفعل وهي تجد كل يوم مشروعا لإنشاء اجهزة امنية وميليشيات جديدة..من حق التيارات السياسية ان تعبر عن فكرها السياسي ومواقفها واهدافها ومن حقها ان تتظاهر سلميا وان تكون لها تجمعاتها وحواراتها الفكرية ولكن لا ينبغي ان تقام دولة داخل الدولة وان نجد انفسنا امام اكثر من وزارة داخلية وجهاز امني خاص للحرية والعدالة والنور وجماعة ابو إسماعيل والجماعة الإسلامية وحزب الوطن ونعطي الدولة اجازة بكل مؤسساتها..هناك بعض الأفكار الشاذة والغريبة التي تتطلب محاكمات قضائية امام العدالة لأنها تتعارض مع مفهوم الدولة وتهدد بصورة واضحة الأمن القومي المصري إلا إذا كان البعض يري تقسيم الدولة المصرية إلي مجموعة من الدويلات.
في يوم من الأيام رفضت الجماعات الدينية إعطاء حق الضبطية القضائية لقوات الجيش المصري بكل تاريخه والآن تريد إعطاءها لميليشيات امنية.. سبحان الله.
نقلاً عن جريدة "الأهرام"