فاروق جويدة
العلاقات بين الدول تحكمها حسابات ومصالح ولا يمكن ان تخضع للعواطف والأهواء والرغبات ولهذا.
تعجبت كثيرا من ردود الأفعال المتعارضة حول العلاقات بين مصر وإيران بعد افتتاح خط ملاحي جوي ووصول فوج كبير من السياح الإيرانيين الي مصر.. لا شك ان ايران دولة كبيرة وخلفها رصيد حضاري وإنساني قديم وكانت بيننا علاقات وصلت الي درجة المصاهرة قبل ثورة يوليو حين تزوجت الأميرة فوزية شقيقة الملك فاروق من شاه ايران..وبعد ذلك شهدت العلاقات المصرية الإيرانية توترات كثيرة في اكثر من عهد ولكنها ساءت كثيرا حين لجأ شاه إيران الي مصر بدعوة من الرئيس الراحل انور السادات ومات شاه ايران علي الأرض المصرية..كانت هناك حساسيات كثيرة بين البلدين بعد الثورة الإيرانية وبعد ان صعد الإخوان المسلمون الي السلطة في مصر بدأت صفحة جديدة ادت الي انقسام حاد حول عودة العلاقات والتقارب المصري الإيراني..لا شك ان هذه العودة ازعجت امريكا وإسرائيل ولم تتقبلها دول الخليج بصورة طيبة كما ان التيارات السلفية في مصر اعلنت رفضها الكامل لعودة هذه العلاقات بل انها اقامت المظاهرات احتجاجا علي وصول السياح الإيرانيين للقاهرة..ومن المنطقي ان ترفض امريكا وإسرائيل التقارب بين مصر وإيران ولكن الموقف الغريب هو رفض التيارات السلفية لهذا التوجه علي اساس انه يفتح الأبواب للتيارات الشيعية لدخول مصر..وهذا التفسير الخاطئ لا يعرف طبيعة الشخصية المصرية ومدي تأثرها أو تأثيرها عبر فترات التاريخ لقد تعرضت مصر لحملات كثيرة منها الديني والإستعماري واستطاعت ان تستوعب ذلك كله لتحافظ علي جذورها وثوابتها الدينية والحضارية وانا لا اتصور ان الغزو الإيراني الذي يروج له البعض سوف يحول المصريين الي شيعة امام تيارات دينية متأصلة وثابتة..ينبغي ان نترك السياسة لأصحابها بحيث تقوم حساباتها علي مصالح مصر ومستقبلها وإذا كانت القاهرة تشهد سفارة لإسرائيل فهل يعقل الا تكون هناك سفارة لإيران..وإذا كان السياح الإسرائيليون يدخلون سيناء بلا تأشيرة دخول..فإن الأولي ان تفتح القاهرة ابوابها للسياح الإيرانيين لا اعتقد ان سياسة مصر الخارجية يمكن ان يضع قواعدها واصولها رجال الدين والمشايخ.
نقلاً عن جريدة " الأهرام " .