فاروق جويدة
هل يعقل ان يشتبك السلفيون مع الصوفيين امام جامعة الأزهر احد معاقل الإسلام في العالم وجامعتنا العريقة.. هل يجوز ان تكون هذه لغة الحوار بين اشخاص يدعون الي الله بالحكمة والموعظة الحسنة.. ومن فيهم اعطي نفسه الحق بالحديث باسم الإسلام..
اننا نعرف ان الصوفية اناس يحبون الله ورسوله ولهم وسائلهم في ذلك ابتداء بالحضرة وانتهاء بالأوراد.. وكلنا يعرف السلفيين وماذا يريدون ولكن مهما كانت درجة الخلاف فهل يصل الأمر الي الاشتباك بالأيدي واقتحام مبني الأزهر الشريف وإرغام الصوفية علي نقل مؤتمرهم عن السيدة عائشة رضي الله عنها الي مكان آخر..
لقد شاهدت علي الفضائيات شباب السلفيين وهم يدوسون بأحذيتهم سجاجيد الصلاة الخاصة بالصوفية.. ان الانقسامات بين المذاهب الإسلامية بهذه الصورة يمثل تهديدا للإسلام نفسه وهو اكبر إساءة لهذا الدين العظيم.. الخلافات في الرأي والمواقف مجالها الحوار وليس الاعتداء واقتحام المؤتمرات.. وهذه المذاهب الدينية التي تحاول إقصاء بعضها تتعارض تماما مع الفكر الإسلامي الصحيح الذي يقوم علي الاجتهاد والتعددية واختلاف الآراء.. هناك اكثر من قراءة للقرأن الكريم وعلم يسمي علم القراءات.. وهناك اكثر من تفسير للقرآن الكريم وهناك اكثر من مصدر لأحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام وهناك اكثر من مرجع للسيرة النبوية الشريفة.. وهناك احكام تتعارض وتتفق في العبادات والمواريث وآراء الفقهاء.. وهناك مذهب ابو حنيفة وهناك الشافعي وهناك مالك وهناك ابن حنبل رضوان الله عليهم ولكل مذهب خصوصيته وآراؤه.. فهل يجوز ان يصادر السلفيون علي كل اجتهاد أخر وإذا كان الصوفية يحبون آل بيت رسول الله عليه الصلاة والسلام فما هو الضرر في ذلك ان ما يحدث في مصر الأن من انقسامات باسم الدين لا تختلف كثيرا عن فوضي الانقسامات السياسية وكلها تحمل مخاطر تهدد مستقبل مصر وامنها واستقرارها.. الدعوة الي الله لها اصولها ومصادرها وثوابتها وحين تختلط الأوراق تسود فوضي السياسة وتتحول الي فوضي باسم الدين.
نقلاً عن جريدة " الأهرام "