فاروق جويدة
سألني صديقي: هل يمكن ان يجتمع الحب مع الصداقة.. وما هو الفرق بينهما؟.. الحب عندي إحساس جارف يجتاح كل شيء في كياني.. والصداقة مودة جميلة ومشاركة إنسانية رفيعة ولكنهما لا يلتقيان..
إذا مات الحب لا يمكن ان يتحول الي صداقة وحين تكبر الصداقة نخاف ان تتحول الي حب واصعب الأشياء ان تخسر الإثنين معا.. ان تخسر حبيبا وصديقا..
قلت: هناك منطقة وسطي غريبة بين الحب والصداقة.. هناك انسان يصعب عليك ان تحدد مكانه ومكانته لأنه يشغل أكثر من مكان.. إذا تحدثت عن الصداقة وجدته يملأ فراغا واسعا لديك..انك تلجأ إليه في اشياء كثيرة تخص حياتك..انك تثق في آرائه ومواقفه..وفي ساعات الشدة تجده بجانبك وتسأل نفسك: هل هو مجرد صديق؟ وتأتيك الإجابة انه اكبر من الصداقة.. وإذا تحدثت عن الحب وجدته يحتل مساحات شاسعة في مشاعرك.. انه بعيد ولكنك تراه دائما معك..وهو مجرد طيف ولكنه يسكنك..وانت لا تراه جسدا ولكنه يتجسد امامك روحا وإحساسا وكيانا.. وحين يجتمع الاثنان في شخص واحد تري فيه الحبيب والصديق فإنه يتحول الي نموذج فريد في العلاقات الإنسانية لقد اعتدنا ان نحدد الأشياء تحديدا دقيقا في حياتنا وعلاقتنا بالآخرين.. هذا صديق وهذا حبيب وحين تتداخل الخيوط وتذوب المشاعر نجد انفسنا امام إحساس جديد مختلف تماما عن كل ما عرفه البشر.. وفي تقديري ان هذه المنطقة من المشاعر تشبه الطبقات العليا من الجو وتشبه القمم العالية من الجبال التي يصعب الوصول اليها انها تحتاج الي انواع نادرة من البشر لديهم قدرة اكبر علي الإحساس ولديهم مفاهيم اعمق للمشاعر الإنسانية انهم يجمعون الكون كل الكون في لحظة زمان.. وفي إحساس يجتاح كل شئ وفي قلوب اتسعت لهذا الكم الهائل من المشاعر الجميلة وساعتها يمكن ان يكتفي الإنسان بشخص واحد عن الكون كله..وحين تجد هذا الإنسان الصديق الحبيب لا تفرط فيه لأنك لن تجده في كل زمان.. انها مصادفة من المصادفات الجميلة التي لا تتكرر كثيرا في حياة البشر ان يجتمع الحب والصداقة في شخص واحد.
نقلاً عن جريدة "الأهرام"