توقيت القاهرة المحلي 01:37:41 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الجيش وسيناء وذاكرة المصريين

  مصر اليوم -

الجيش وسيناء وذاكرة المصريين

مصر اليوم

  كنت في حاجة شديدة إلي شئ يعيد لي الثقة في البشر والأشياء‏..‏ في أحيان كثيرة نقع فريسة سهلة للإحباط والإحساس بعدم الجدوي امام صور باهتة ورموز تسطحت ملامحها وفقدت تأثيرها واحداث لا يستطيع الإنسان أن يتابعها امام شعور جارف بالارتجال والتحايل وفقدان المصداقية‏..‏ إعلام مرتبك في شارع سيطرت عليه مواكب الفوضي و نفوس فقدت إحساسها بالمسئولية وترنحت بين السطحية والسلبية وكلاهما مأزق خطير.. وسط هذه الدوامة من الإحباطات وجدت نفسي محاطا بحشود شابة من قواتنا المسلحة في إحتفالية تليق بالمناسبة وبالرجال وبالتاريخ والذكري. ذهبت الي مسرح الجلاء مشاركا في احتفالية جيش مصر بالذكري31 لتحرير سيناء.. كان في مقدمة الحفل الفريق أول عبد الفتاح السيسي القائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع والفريق صدقي صبحي رئيس الأركان وقيادات الأفرع الرئيسية لجيش مصر العظيم وحشد مهيب من القيادات والضباط وضباط الصف والجنود. بعض اللحظات وأن كانت قصيرة في زمانها إلا أنها تعيد لنا الثقة في أشياء كثيرة وحين نجد انفسنا نصارع موجات الإحباط نمسك بلحظة من هذه اللحظات تمنحنا الأمل وتشد علي ايدينا باليقين.. التقيت الفريق أول عبد الفتاح السيسي في الأيام الأولي للثورة مع عدد من رموز المجلس العسكري في حوار طويل ومن يومها ولدي انطباع أنني امام شخصية عسكرية عصرية من طراز رفيع فكرا وحديثا وحوارا مع قدر كبيرمن الموضوعية والدقة.. يومها امتد بنا الحديث ساعات طويلة عن الثورة وتطور الأحداث وأماكن الضعف والقوة في مسيرتنا نحو المستقبل ويومها شرحنا الكثير من مخاوفنا. قبل ان تبدأ الإحتفالية جلسنا مع الفريق اول السيسي والفريق صدقي وكان اول خيط في الحديث ما يشعر به رجال قواتنا المسلحة من الألم والمرارة امام اتهامات باطلة لحقت بهم في احداث الثورة.. كثير من العتاب جاء علي لسان قائد الجيش المصري مؤكدا أنه أقسم بأن الجيش من بداية الثورة لم يغير موقفه المؤيد للشعب ولم يطلق رصاصة واحدة علي مواطن مصري وأن قضايا المتهمين التي تحولت الي تحقيقات قضائية كانت جميعها قضايا جنائية إجرامية ولا يوجد متهم واحد في قضية فكر أو رأي أو تظاهر.. ازدادت لغة العتاب امام ما تعرض له رجال القوات المسلحة من الإيذاء النفسي والشتائم وهم يؤمنون مرافق الدولة ومؤسساتها ويحمون الشعب من الفوضي والانفلات قلت للفريق اول السيسي ما حدث في الشارع المصري طوال ايام الثورة لم ولن يغير من مشاعر المصريين تجاه جيشهم والاعتذار هنا من عقلاء هذا الشعب لا يكفي ولكنها رواسب الأمس الأليم.. حين كان النيل يأتي بالفيضان في سنوات سابقة كان يحمل شوائب كثيرة هبطت عليه طوال عام كامل وسرعان ما يطهر نفسه ويعود ماؤه صافيا نقيا وهذا ما حدث في الشارع المصري ايام الثورة وحتي الآن وفيه ملايين الأميين وملايين العاطلين وايضا ملايين الحالمين وقبلهم جميعا كثير من المتربصين وإذا كان البعض قد تجاوز في حق قواتنا المسلحة فهذه كلها شوائب في السلوك والمواقف ولن تغير شيئا من إيمان هذا الشعب بجيشه.. الفريق صدقي يقول كنا اكثر من150 الف رجل في الشوارع وهذه مهمة لم نتمرس عليها لأنها خارج حساباتنا امام رجال اعتادوا الانضباط والحرص والحسم وتنفيذ الأوامر ووجدوا انفسهم في حسابات يومية مع فئات مختلفة.. إن الشخص المقاتل يختلف تماما عن رجل حفظ الأمن وهذه اشياء كانت غريبة علينا ورغم هذا كانت التجاوزات محدودة للغاية خاصة امام حالات العنف والفوضي في الشارع وامام هذا العدد الضخم من القوات وقبل هذا كله امام صراعات ومعارك بين التيارات السياسية المختلفة وتظاهرات يشارك فيها الملايين من البشر. الفريق اول السيسي يؤكد ان الجيش عاد الي ثكناته الآن بعد تسليم السلطة واستعاد بسرعة كبيرة كل مظاهر التفوق والانضباط في قدراته وامكاناته كجيش نظامي محترف في فترة وجيزة للغاية امام كفاءة الرجال وقدرات القيادات والحرص علي تجاوز المرحلة.. الجيش حريص كل الحرص علي ألا يدخل المعترك السياسي وصراعاته ولكن حماية الشعب ستبقي مسئوليتنا المقدسة امتد الحوار وشارك فيه المفكر السياسي الكبير د.مصطفي الفقي ود.احمد زايد عميد اداب القاهرة السابق والسفير محمد إسماعيل نجل المشير احمد إسماعيل وعدد من القادة.. في بداية الاحتفالية قدمت إدارة الشئون المعنوية فيلما رائعا عن المشير احمد إسماعيل ودوره التاريخي كأحد ابطال حرب اكتوبر ثم قدمت فيلما آخر عن إنجازات قواتنا المسلحة ودورها في تعمير سيناء ارجو ان يحصل التليفزيون الحكومي والخاص علي نسخ من هذه الأعمال الفنية الراقية بدلا من سهرات الردح الفضائية وتكفير المصريين في القنوات الدينية. < حين جاء دوري في الحديث لم اتردد في ان اعيد ما كتبته اكثر من مرة من أن سيناء لم تأخذ حظها من التنمية الحقيقية طوال ثلاثين عاما وان المشروع الذي اعلنته الدولة في عام1994 ووضعت له تقديرات بلغت110 مليار جنيه لم ينفذ منه غير14 مليار جنيه في ثلاثين عاما.. وقلت إن المشروع كان يهدف الي زراعة400 ألف فدان علي مياه ترعة السلام التي كلفت الدولة450 مليون جنيه ولم يستصلح منها غير30 ألف فدان وأن إحدي حكومات ما قبل الثورة عرضت تأجير ترعة السلام للقطاع الخاص.. وقلت أن الخطة كانت تهدف إلي انتقال5 ملايين مواطن من الوادي حتي عام2017 وأن تعداد سكان سيناء الأن لا يزيد علي360 الف مواطن وان الوزير حسب الله الكفراوي وضع مشروعا متكاملا لبناء4000 قرية في سيناء. وقلت في حديثي أمام حشد كبير من قيادات جيش مصر ان سيناء الخالية تمثل تهديدا للامن القومي المصري وان هناك خططا واطماعا تحيط بنا من كل جانب وان تنمية سيناء تمثل ثلاثية اساسية لمستقبل مصر انها احد الموارد الرئيسية للاقتصاد المصري.. انها تمثل التوسع السكاني والعمراني والخروج من الوادي الضيق.. إنها اهم مقومات الأمن القومي المصري وان هناك اطرافا دولية كثيرة تضع سيناء كجزء من الحل للقضية الفلسطينية وتسعي لفرض ذلك ولعل هذا ما اعلنه ديفيد اوين وزير خارجية انجلترا وهو يزور القاهرة من سنوات من ان حل القضية الفلسطينية لن يكون بعيدا عن سيناء.. وقلت كان من الخطأ الجسيم في ظل النظام السابق إهمال تنمية سيناء وإبعاد قواتنا المسلحة عن القيام بمسئولياتها ودورها إداريا واقتصاديا في مشروع تنمية سيناء وان المطلوب الأن ان تعود بكل ثقلها لتنفيذ هذا المشروع بحيث نواجه ازمة البطالة والعشوائيات والضغط السكاني بإنتقال الملايين من ابناء الوادي الي سيناء وان القوات المسلحة هي اكثر مؤسسات الدولة المصرية قربا من اهالي سيناء وفي ظل غيابها زاد حجم الأزمات والمشكلات بين اهالي سيناء والدولة المصرية امام تجاوزات في الأمن واخطاء في الإدارة وإهمال دائم لهذا الجزء العزيز من الوطن.. وطالبت بضرورة إنشاء وزارة مستقلة لتنمية سيناء مع التوسع في عدد المحافظات فيها.. وقلت إن مصر ليست دولة فقيرة كما يدعي البعض لأن الثراء الحقيقي ثراء العقول التي تصنع الموارد.. كان اللقاء مع قيادات وضباط وجنود القوات المسلحة لحظة نادرة اعادت لي الثقة في اشياء كثيرة في البشر والأحداث والمتغيرات وتوقفت عند بعض الملاحظات اريد إن انقلها لك عزيزي القارئ.. < هناك روح شابة كانت واضحة علي الوجوه والملامح ودرجة النظام والإنضباط والتفاؤل والأمل في المستقبل مع اهتمام واضح وتواصل حميم بين قيادات الجيش وحشوده الواعدة من الضباط والجنود. < كانت هذه هي المرة الأولي التي اشارك فيها في إحتفاليات الجيش المصري العظيم رغم انني اعتز بأنني صاحب نشيد الجيش الذي كتبته في بداية التسعينيات ولحنه الموسيقار الكبير الراحل كمال الطويل ويردده كل صباح ضباط وجنود قواتنا المسلحة. < كان حضور اكثر من مائة شخصية من شيوخ قبائل سيناء لفتة رائعة من قيادة القوات المسلحة خاصة أن البعض منهم تحدث عن ذكرياته في حرب الاستنزاف واقتحام خط بارليف والتلاحم التاريخي بين الجيش واهالي سيناء في سنوات الغربة وتحرير الأرض.. ولم ينس هؤلاء المجاهدون الكبار ان يحملوا للقوات المسلحة وقيادتها مشكلات اهالي سيناء في تملك الأراضي والمعتقلين في السجون في سنوات العهد السابق وقد وعد الفريق اول السيسي بحل هذه المشكلات. كان حديث شيوخ القبائل حديثا ممتعا مع شعر جميل لشاعرة سيناء إيمان معاز وجعلنا نتساءل اين هؤلاء من برامج الفضائيات والشتائم والبذاءات وحوارات النخبة التي وصلت بنا الي ما نحن فيه من الارتباك والفوضي ثلاثة رموز من مشايخ سيناء لديهم رصيد كبير من الذكريات التي ينبغي ان نعلمها لأجيالنا القادمة في التضحية والانتماء الشيخ حسن خلف.. والشيخ إبراهيم سالم والشيخ عبد الله جهامة.. مجاهدو سيناء الأبطال. < في ظل حالة التفكك التي اصابت الكثير من مؤسسات الدولة المصرية استعدت الثقة في المستقبل في ظل مؤسسة متماسكة لها ثوابتها وجذورها ومكانتها في اعماق المصريين وهي جيش مصر.. وامام ما يحدث في الساحة العربية من انهيارات لدول وجيوش وقدرات واوطان يبقي دور مصر وشعبها ان تحافظ علي جيشها لأنه مصدر حمايتها وقوتها وسلامة اراضيها وهذا يتطلب منا ان ننأي به عن معارك السياسيين وصراعات النخبة والتيارات التي ترفض بعضها البعض حوارا وفكرا.. في ظل دعم امريكي كامل لإسرائيل.. وفي ظل حسابات إقليمية تهدف الي تقطيع كل جسور التواصل بين الدول العربية ومع سقوط الجيش السوري في مستنقع الدم وما حدث في ليبيا غربا وتقسيم السودان جنوبا.. يبقي الحرص علي جيش مصر مسئولية وامانة وطنية تسبق كل شئ ينبغي ان يبقي جيش مصر بعيدا عن مرمي النيران السياسية وما يجري في الشارع المصري من مهاترات وتجاوزات وكوارث. ان ما يجري حولنا من مؤامرات وحسابات وقوي خارجية وداخلية تعبث في مصير الأمة ومستقبل الوطن يحتم علينا ان نضع جيش مصر في مكانه ومكانته التاريخية كأحد منجزاتنا الكبري وثوابتنا التي لا ينبغي ان نختلف عليها. في ذكري تحرير سيناء تحية للرجال الذين قدموا لهذا الوطن ارواحهم الطاهرة ومازالت دماؤهم الذكية تعطر ارض سيناء الحبيبة التي تحتاج الآن إلي سواعدنا لنبدأ بها ومنها رحلة الأمن والعدل والبناء. نقلاً عن جريدة "الأهرام"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجيش وسيناء وذاكرة المصريين الجيش وسيناء وذاكرة المصريين



GMT 17:20 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

أميون يخططون لمستقبلنا!

GMT 17:17 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

صوتى لكامالا هاريس

GMT 17:17 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان.. خلاف الأولويات

GMT 07:07 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

«الحياة الأبدية» لمقاتلي روسيا

GMT 07:02 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... السنجاب المحارب!

GMT 07:00 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الأولوية الإسرائيلية في الحرب على لبنان

GMT 06:58 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

تثمين العقلانية السعودية

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

من ينتخب الرئيس... الشعب أم «المجمع الانتخابي»؟

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:20 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يؤكد أنه سيقر بهزيمته إذا كانت الانتخابات عادلة
  مصر اليوم - ترامب يؤكد أنه سيقر بهزيمته إذا كانت الانتخابات عادلة

GMT 01:37 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق مختلفة لاستخدام المرايا لتكبير المساحات الصغيرة بصرياً
  مصر اليوم - طرق مختلفة لاستخدام المرايا لتكبير المساحات الصغيرة بصرياً

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد هنيدي يتراجع عن تقديم عمّ قنديل في رمضان 2025
  مصر اليوم - محمد هنيدي يتراجع عن تقديم عمّ قنديل في رمضان 2025

GMT 15:53 2018 الإثنين ,12 آذار/ مارس

إستياء في المصري بسبب الأهلي والزمالك

GMT 10:53 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على وصفات طبيعية للعناية بالشعر التالف

GMT 02:56 2018 الأربعاء ,04 تموز / يوليو

الفنانة ميرنا وليد تستعد لتقديم عمل كوميدي جديد

GMT 19:15 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

سامح حسين يكشف عن الأفيش الأول لـ"الرجل الأخطر"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon