فاروق حويدة
غاب القانون فغابت العدالة وانقسم القضاة علي انفسهم فسقطت هيبة القاضي.. وانقسم الإعلام الي اسلامي وليبرالي وسلفي واخواني وعلماني فغابت الحقيقة..
وانتشرت الفوضي في الكلام والسلوك والمواقف.. وفي غيبة المصداقية والحسم غابت مؤسسات الدولة واصبح من الصعب ان تجد مؤسسة إدارية في الدولة تقوم بواجباتها وتتحمل مسئوليتها.. ولهذا انقسم الشارع المصري وتحول الي الغام بشرية في كل يوم ينفجر لغم جديد في شارع أو مدينة وتنتشر الشظايا في كل اتجاه ويسقط الضحايا.. وامام غياب الشفافية لا احد يحاكم حيث لا حساب ولا مساءلة لأن الأشياء اختلطت تماما.. لا احد يتصور ان يتم اقتحام جنازة وتتحول الي مواجهة بين المسلمين والأقباط إلا إذا كانت هناك أيد خفية قد مهدت لذلك كله..في زمان مضي كانت الجنازة تخرج من المسجد أو الكنيسة وحولها آلاف المواطنين وانت لا تعرف من الذي مات وهل هو مسلم أم مسيحي لأن الوجوه واحدة والدموع ايضا واحدة.. وامام قدسية الموت ولحظة الفراق لا فرق بين صليب أوهلال لأن الفجيعة واحدة والحساب عند الله.
ما يحدث في الشارع المصري الآن حالة فوضي لها اسبابها وإذا كانت مؤسسات الدولة تعرف الأسباب فهذه كارثة وإذا لم تكن تعرف فهذه ام الكوارث ولا يعقل ان نجلس بعيدا ونشاهد كل يوم لغما ينفجر هنا أو هناك.. لا يمضي يوم واحد دون ان يسقط القتلي في كل ارجاء مصر وكلنا يجلس في مواقع المتفرجين.. ان صمت المسئولين مصيبة وغفلة المواطنين مأساة ولا ادري كيف ننتظر والنيران تحاصرنا من كل اتجاه.. ان هذه الصورة الكئيبة تحمل مخاطر كثيرة.. نحن امام مؤسسات فقدت إحساسها بنبض الشارع وعجزت عن آداء رسالتها.. وامام مجتمع تفكك تماما.. وامام حكومة فقدت هيبتها ورغم هذا مازلنا نبحث عن حلول رغم ان المأساة لا تحتاج الي اجتهادات.. يجب ان تعود مؤسسات الدولة اكثر حسما في قراراتها حتي تسترجع الدولة هيبتها الغائبة وسط هذا الصخب المجنون.. ابحثوا عن الأيدي الخفية التي تعبث في أمن مصر واستقرارها.
نقلاً عن جريدة الأهرام