فاروق جويدة
حين اختلفت القوي السياسية علي تشكيل اللجنة التأسيسية الأولي لإعداد الدستور اقترحت في اول اجتماع للجنة انسحاب15 عضوا من ممثلي التيار الإسلامي وخاصة حزب الحرية والعدالة,
وإضافة اعضاء جدد من أساتذة القانون وكان في مقدمتهم الدكتورة عائشة راتب الوزيرة والسفيرة والأستاذة بحقوق القاهرة ولم يجد الإقتراح الإستجابة الكاملة.. ويومها تمنيت لو ان الإخوان المسلمين اختاروا د. عائشة راتب رئيسة للجنة وقلت سيكون ذلك موقفا تاريخيا أن تكون امرأة رئيسة للجنة الدستور في أول حكم للإسلاميين في مصر. والدكتورة عائشة راتب لم تكن في حاجة الي لقب أو منصب أو اضواء فقد عبرت في كل هذه المناطق في مشوار من العطاء الجميل ولكنها كانت قبل هذا كله قامة علمية وفكرية رفيعة..هي اول امرأة تطالب بحقها في العمل في الجامعة حين تخرجت في كلية الحقوق بتقدير جيد جدا في عام1949 ومع أن القضاء رفض قضيتها إلا انه اشاد واكد احترامه لصاحبة الدعوي..التقيت بالدكتورة عائشة راتب في مناسبات قليلة وكنت اشعر دائما ان استاذة القانون. وبرغم مشوارها الطويل مازالت تعيش هموم مصر واحلامها..وفي نهاية العهد السابق كانت تؤرقها كثيرا الفوارق الإجتماعية بين ابناء الشعب الواحد وماوصلت اليه احوال الطبقات الفقيرة في العشوائيات وكانت تري ان الفقر هو اخطر واسوأ مشكلات مصر وأن زواج السلطة ورأس المال افسد علي مصر اشياء كثيرة.. كانت تراقب من بعيد مسيرة العلاقات بين مصر والعالم الخارجي وتري اننا انغلقنا علي انفسنا.. كانت مبهورة بالفترة التي عاشتها مع انور السادات وكانت تري فيه زعيما من طراز فريد قرأ خريطة التحولات الكبري في العالم قبل ان يقرأها أحد غيره..
عاشت د. عائشة راتب السنوات الأخيرة من حياتها بعيدا عن الأضواء والعواصف واكتفت بما قدمت لوطنها وشعبها الذي احبته.. أسهمت بدور كبير في دراسة الواقع الإجتماعي المصري وهي وزيرة للشئون الإجتماعية ثم كانت سفيرة لمصر في المانيا في فترة مهمة في التحولات الأوروبية..وفي كل هذه المراحل كانت عائشة راتب نموذجا رفيعا مبدعا للمرأة المصرية صاحبة الدور والرسالة.. رحمها الله
نقلاً عن "الأهرام"