مصر اليوم
جاءني صوتها حزينا شاحبا..قالت اديت رسالتي في الحياة علي اكمل وجه..رعيت زوجي في شبابه وكهولته ولم اتخل عنه يوما حتي رحل وهو راض عني ويدعو لي بالستر والصحة.
.وربيت ابنائي وكبروا علي عيني واصبح منهم الطبيب والمهندس ورجل الأعمال وتزوجوا جميعا وبدأت رياح الخريف تعصف بعمري حيث اعيش بين جدران بيت كان يوما صاخبا وتحول الي اطلال ذكري حيث صورة الأب الراحل والأبناء الذين شغلتهم حياتهم..انني كثيرا ما اشفق عليهم امام التزامات الحياة وقسوة الظروف انا لا اريد مالا لأن عندي ما يكفي بل انني اساعد ابنائي في احيان كثيرة..ولكن مشكلتي الآن هي الوحدة والليل الموحش وقد انفض الأصدقاء وكبر منهم من كبر وهاجر من هاجر حتي ابنائي تراجعت صحوة الأشواق في قلوبهم وقليلا ما يسألون عني انا لا اريد الشفقة من احد حتي ولو كانوا ابنائي ولكنني اسأل فقط عن شئ يسمي المودة وكلمات جميلة في القرأن الكريم وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا..ان الله يطالب مخلوقاته بالرحمة ان تمد الأشجار العتيقة ظلالها حتي تكبر الأشجار الصغيرة..ان ينعم الصغار بدفء الأمومة حتي يشتد عودهم ان تتواصل الأيام مع بعضها..احيانا اشتاق لأبنائي ان اراهم وان اسمع صوتهم ان اشاركهم كما كنت يوما فرحة عابرة ولكن كبريائي يمنعني ان اعاتب او الوم..كل ما نريده من أبنائنا في ايام الوحدة شئ من الألفة يمكن ان نسميها ونسة او شيئا من العرفان..ان الأم والأب حين يقدمان العمر والشباب والصحة لاينتظران شيئا من الأبناء غير كلمة رقيقة وسؤال جميل ولكن يبدو ان الناس تغيرت فقليلا ما يسأل الأبناء رغم ان الأمر لن يكلفهم اكثر من اتصال بالهاتف او كلمة طيبة تصافح الإنسان مع ضوء صبح جديد.. ارجوك ان توصي الأبناء بالآباء خيرا هذا ما يطالبنا به الدين وما تدعو إليه الأخلاق وما ينبغي ان تكون عليه الحياة..كانوا يقولون قديما الكلمة الطيبة صدقة فما بالك إذا كانت هذه الكلمة بلسما يداوي جراح قلب متعب وعيون اجهدها سهر الليالي وإنسان اعطي كل شئ ولا ينتظر إلا القليل من العرفان..
fgoweda@ahram.org.eg
نقلاً عن جريدة "الأهرام"