مصر اليوم
اعتدنا منذ سنوات بعيدة علي تصور خاطئ بأن من ينتقد سياسة الدولة فهو ينتقد شخص رئيس الدولة وكان هذا التصور يقوم علي اساس ان الدولة هي الرئيس وان الرئيس هو الدولة رغم ان الأوطان هي الباقية والرؤساء كل الرؤساء راحلون..
في وقت من الأوقات اندمج شخص رئيس الدولة في كل مؤسساتها واصبحت وكأنها ملكية خاصة, كان رئيس الدولة هو رئيس المجلس الأعلي للقضاء اي السلطة القضائية ورئيس المجلس الأعلي للشرطة اي قوات الأمن والقائد الأعلي للقوات المسلحة اي الجيش وفي احيان اخري جمع رئيس الدولة بين رئاسة الدولة ورئاسة الحكومة اي السلطة التنفيذية بالكامل وكان هذا يعني بالفعل ان الرئيس هو الدولة وان الدولة هي الرئيس, ولا شك ان هذا ميراث نتمني ان نتخلص منه في ظل نظام سياسي واضح المعالم بحيث يتم توزيع المسئوليات علي اجهزة الدولة المختلفة ويبقي رئيس الدولة رمزا بعيدا عن مناطق الصراعات وتكون له اختصاصاته التي يحددها الدستور, إن هذا الخلط يؤدي في احيان كثيرة لدي البعض الي تشويه صورة الحكم علي اساس ان اي انتقاد او خلاف او اعتراض علي سياسة ما يعني ان المقصود بذلك هو رئيس الدولة ومن هنا تأتي قضايا إهانة الرئيس وقد يكون ذلك الاتهام بسبب مقال انتقد موقفا او عارض اتجاها او ادان واقعة معينة.. إن احترام شخص ومنصب رئيس الدولة قضية لا خلاف عليها ولكن هذا لا يمنع ابدا من معارضة سياساته دون ان يدخل الإنسان السجن او يلقي به في احد المعتقلات.. ان الديمقراطية الحقيقية تعني ان لصاحب القرار سلطة اصداره وللشعب حق الاعتراض عليه.. وهذا الإعتراض يأخذ اشكالا كثيرة تبدأ بالكلمة وتنتهي بالتظاهر وما أكثر الاعتراضات التي دخلت مناطق السخرية القاسية دون إهانة او تجريح, يجب ان نضع قواعد جديدة لوطن جديد بحيث لا تختلط الأوراق امامنا فنري الدولة في شخص الرئيس ونري ان الرئيس هو الدولة وهذا مفهوم فرعوني قديم يجب ان نتخلص منه.
fgoweda@ahram.org.eg
نقلاُ عن جريدة "الأهرام"