فاروق جويدة
كنا نعيب علي رئيسنا السابق كثرة الأسفار للخارج وكانت تنحصر عادة في ثلاث عواصم هي باريس حيث شيراك وساركوزي وروما حيث برلسكوني وواشنطن قبل ان تسوء العلاقات مع بوش الإبن.
كان الشارع المصري ينتقد كثيرا هذا العدد من السفريات التي تكلف الدولة نفقات كثيرة إلا ان المفاجأة الأكبر هو هذا الكم الرهيب من السفريات التي قام بها المسئولون في شهور قليلة منذ تولي الإخوان المسلمون السلطة وكأنهم يريدون حكم البلاد من الخارج, والأغرب من ذلك ان هؤلاء المسئولين يتركون البلاد في اسوأ الظروف الأمنية والاقتصادية ويطلبون الراحة والأمن في بلاد العالم.. ولو اننا رسمنا جدولا لسفريات المسئولين الحاليين سوف نكتشف اننا امام عشرات الوفود وعشرات البلاد وملايين الدولارات التي تنفقها هذه الرحلات المكوكية..إن هذه الرحلات لها هدف واحد هو الديون, اي انها رحلات للإقتراض وفي احسن الحالات الاشتراك في المؤتمرات..وسوف تجد من يقول ان كل هذه الوفود هدفها توطيد العلاقات بين مصر ودول العالم والحصول علي دعم اقتصادي وتطوير اساليب الإنتاج واستيراد التكنولوجيا الحديثة, والحقيقة انه لم يحدث شئ من هذا علي الإطلاق وان هناك ملفات كثيرة تم إهمالها وكانت الأولي بالاهتمام ومنها ملف مياه النيل الذي اوشك ان يصل بنا الي كارثة, والدليل ان رئيس الوزراء د. هشام قنديل ترك الكارثة في القاهرة والشعب يغلي وسافر لحضور احد المؤتمرات في الخارج فهل من المنطق وهو وزير سابق للري ورئيس مجلس الوزراء حاليا ان يترك العاصفة تجتاح البلاد كلها ويسافر من اجل حضور مؤتمر, لقد طالب الكثيرون بمحاكمة جميع وزراء الري السابقين ومنهم رئيس الوزراء الحالي بسبب ملف مياه النيل الذي اهملته الحكومات المتعاقبة حتي وصل بنا الي ما نحن عليه الآن..كان ينبغي ان يبقي رئيس الحكومة في القاهرة ليتابع بنفسه هذه العاصفة ولم تكن هذه هي المرة الأولي التي يسافر فيها كبار المسئولين للخارج والبلاد تعيش ظروفا صعبة, هذا الانفصال الشبكي بين المسئولين وقضايا الوطن وهموم الشعب يعكس حالة من اللامبالاة, وحين تنقطع وسائل التواصل بين المسئول وشعبه فهذا دليل علي ان الطوفان قادم.
نقلاً عن "الأهرام"