فاروق جويدة
اختارت اثيوبيا لحظة تاريخية صعبة لكي تنفذ مشروعاتها في السدود علي نهر النيل والمؤكد انها لن تكتفي بسد واحد ولكن هناك حسابات اخري لسدود اخري..
لقد شجعت حالة الارتباك السياسي والفوضي التي يعيشها المصريون بعد الثورة اثيوبيا لإنشاء سد النهضة دون مراعاة لحقوق والتزامات واتفاقيات دولية كان ينبغي ان تلتزم بها فلم تعبأ كثيرا بردود الأفعال المصرية.. إن علي الجانب المصري الآن ان يبدأ التفاوض السياسي وان نضع هذا الملف الخطير في يد مجموعة من الخبراء المصريين في السياسة والقانون الدولي ولا اتصور ان يكون هناك أكثر من فريق او أكثر من مفاوض حيث يري البعض ان نسير في اتجاهين احدهما رسمي والآخر شعبي والقضية لا تحتمل هذا الإنقسام..سوف تكون المفاوضات صعبة للغاية ولهذا لا بد من شراكة دولية خاصة ان ردود الأفعال الدولية حتي الأن تحمل الكثير من الشكوك والهواجس..لم تفصح الإدارة الأمريكية حتي الآن عن موقفها الرسمي من سد النهضة وحقوق مصر التاريخية في مياه النيل ولا شك ان الموقف الأمريكي ستكون له حسابات اخري..يأتي في نفس السياق موقف إسرائيل التي تشارك في مشروع هذا السد وإذا كانت هناك اتصالات ومفاوضات بيننا وبين إسرائيل حول الأمن في سيناء والموقف في غزة والتهدئة مع حماس ودور واضح في عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين..فلماذا لا تكون مياه النيل من ملفات التفاوض خاصة ان لإسرائيل دورا كبيرا في إنشاء سد النهضة..هناك طرف ثالث لا بد ان يوضح مواقفه وهي دول الخليج العربي التي تستثمر أموالا طائلة في إثيوبيا ودول شرق افريقيا وكلها مشروعات زراعية تقوم علي مياه النيل التي تحاول اثيوبيا ان تحرم المصريين من حقهم التاريخي فيها وهي المصدر الوحيد للحياة.
علي دول الخليج العربي ان تفرق بين موقفها مع الإخوان المسلمين وما بينهما من خصومات وموقفها من الشعب المصري الذي يتعرض لمحنة شديدة قد يكون المال العربي من اهم اسبابها..لا اتصور ان تشجع دول الخليج وشعوبها الشقيقة مشروعا يهدد الأمن القومي المصري بل يهدد حياة مصر كلها.
نقلاً عن "الأهرام"