فاروق جويدة
كانت فرنسا تحتفل بزواج أول شخصين مثليين بعد أن أصبحت الدولة رقم14 في العالم التي اصدرت قانونا يبيح زواج الشواذ..
لم يتردد الكاتب الفرنسي المحافظ دومنيك فينر ان يذهب الي كنيسة روتردام الشهيرة وامام اكثر من1500 شخص يطلق الرصاص علي نفسه ويسقط قتيلا.. لم ينس ان يرسل اكثر من رسالة الي اصدقائه الذين قضي بينهم78 عاما وانتهت حياته هذه النهاية الحزينة.. مات معترضا علي القانون الذي دارت حوله معارك طاحنة بين المؤيدين والمعارضين.. بين تيار محافظ يدعو الي احترام آدمية البشر.. وتيار آخر يري ان الحرية تسبق كل شيء بما في ذلك الأديان والأعراف والأخلاق..
علي الجانب الآخر كانت الأوساط الفنية والثقافية في فرنسا تحتفل في مدينة كان بعرسها السنوي ومهرجانها السينمائي العريق.. لم تكن مصادفة ان يفوز المخرج الفرنسي من أصل تونسي عبد اللطيف كشيش بالسعفة الذهبية اعلي اوسمة مهرجان كان عن فيلمه الأزرق هو اللون الأكثر دفئا والغريب ان قصة الفيلم تناقش القضية نفسها التي انتحر بسببها الكاتب الفرنسي الشهير.. انها زواج المثليين.. المخرج التونسي حاول في الفيلم الفائز ان يناقش القضية بأسلوب فني كانت فيه مشاهد كثيرة ساخنة بين فتاتين كما اشار النقاد.. بقدر ما احتفلت فرنسا بالمخرج وفيلمه الفائز بقدر ما تعامل الإعلام التونسي بحذر شديد مع هذا الفوز.. ويبدو ان المخرج التونسي انتهز فرصة الصراع الدائر بين القوي السياسية والفكرية والاجتماعية في فرنسا حول هذه القضية ليلقي بالفيلم الجريء ويحصد الجائزة..
إنها القضية نفسها التي دافع عنها كثير من المبدعين إن الفن رسالة اخلاقية.. بينما يقف فريق آخر يسعي الي إهدار كل القيم تحت ستار الحريات.. ويبقي الإنسان حائرا ما بين الأخلاق والحرية رغم انهما في الحقيقة قضية واحدة لا ينبغي ان نختلف عليها فالأخلاق ينبغي ان تسبق كل شيء بما في ذلك الحرية لأنه لا توجد حرية بلا مسئولية.
fgoweda@ahram.org.eg
نقلاً عن "الأهرام"