فاروق جويدة
اندفعت في الشارع المصري في الأيام الأخيرة عشرات الفتاوي التي تحرم الخروج علي الحاكم وتتهم المعارضين بالكفر والإلحاد.
.لقد بدت هذه الفتاوي وكأنها إعلان حرب بين ابناء الوطن الواحد..من قال إن المظاهرات او الاعتصامات تدخل في باب الكفر بالله ومن قال إن المعارضين يحسبون من الكفار وانهم ضد الإسلام..هذا كلام خطير يحمل المجتمع كله إلي فتنة لا يعلم مداها إلا الله ليس من حق احد ان يكفر الآخر أو يدعي انه ضد الإسلام لأن هؤلاء الذين اصدروا هذه الفتاوي لا يمثلون الإسلام دين التسامح والرحمة.. إن انقسام الشارع المصري بهذه الصورة يحمل مخاطر كثيرة لأننا عدنا الي عهود الظلام قبل ان يهبط الإسلام ويغير العقول ويسمو بالمشاعر.. ليس من حق احد ان يلقي التهم جذافا وللأسف الشديد ان إعلام التيارات الدينية يلعب دورا خطيرا في تشويه صورة الناس والدعوة الي الفوضي والانفلات في مجتمع انهارت كل المؤسسات الرسمية فيه.. فهل ننتظر بعد ذلك كله حتي يتم الصدام وتسيل الدماء بين ابناء الوطن الواحد.. اننا جميعا نعلم مخاطر الحرب الأهلية وهي التي دمرت اوطانا كثيرة وقد رأينا ما حدث في لبنان اجمل بلاد الدنيا وقد تحول الي خرابة طوال16 عاما هي عمر الحرب الأهلية فيه..ولم تبرأ جراح لبنان امام الانقسامات الدينية التي عصفت بكل شيء فيه..
وكان نموذج الجزائر وما حدث فيها امام الإنقسامات بين رجال الدين والتيارات السياسية خاصة جبهة الإنقاذ وبقية القوي السياسية ويكفي ان نتذكر ما حدث في العراق وما يحدث الآن في سوريا من معارك بين اصحاب العقائد الدينية المختلفة..كل هذه الشواهد تتطلب منا ان نتمسك بإجراء حوار عاقل بعيدا عن العنف والقتل والدمار لأن المواجهة بين الشباب المصري يمكن ان تتحول الي مأساة ويمكن ايضا ان تنطلق منها بداية جديدة لوطن جديد..إن الحرص علي حرمة الدماء والرغبة في الحوار والتمسك بأهداف الثورة والحرص عليها كل هذه نقاط يمكن الاتفاق عليها المهم هو الصدق مع النفس ومع الوطن الذي لم يعد يحتمل مآسي أكثر
نقلاً عن "الأهرام"