فاروق جويدة
خطأ جسيم ان يتصور البعض ان الآلاف التي يجمعها حزب الحرية والعدالة وبعض الأحزاب الإسلامية هم الشعب المصري صاحب التسعين مليونا وآلاف السنين عمرا وتاريخا..
أخطأ هؤلاء عندما ذهبوا يوما الي قصر الاتحادية وخرج اليهم الرئيس محمد مرسي وخطب فيهم ونسي ان هناك ملايين ذهبوا الي هذا القصر من قبل ولم يخرج اليهم..واخطأ هؤلاء مرة اخري عندما اجتمعوا في الأسبوع الماضي في قاعة المؤتمرات لكي يناقشوا قضية سد النهضة ولم يكن منهم خبير واحد في نهر النيل او قضية المياه..واخطأ هؤلاء للمرة الثالثة عندما تصوروا انهم اوصياء علي الشعب المصري كله وخرج منهم من يتهم هذا الشعب بالكفر والإلحاد امام رئيس الدولة وكأن مصر كانت دولة كافرة وجاءها الإسلام مع مواكب الإخوان.. هذا التقسيم في كيان المجتمع المصري جريمة وفتنة كبري..انه خطأ جسيم ان تكون هذه صورة مصر الثورة وان تكون هذه ثمار الإنتخابات الديمقراطية التي قسمت الشعب المصري الي فصائل وطوائف وعقائد وصنفت الناس بين مؤمنين وملحدين ومسلمين وكفار, ولم اكن اتصور ان الشعب المصري المؤمن لم يعرف الإسلام إلا علي يد هؤلاء..ان اتهام الناس بالكفر ضلال, خاصة إذا جاء علي لسان من يتحدثون بأسم الإسلام ويرفعون رايته..في الأيام الأخيرة تمارس جماعات الإسلام السياسي هجوما ضاريا علي كل من يخالفهم الرأي ابتداء بتشويه سمعة الناس وسيرتهم وانتهاء بإلصاق التهم بالشتائم والبذاءات وهذا كله ليس من الإسلام في شئ..ان حصار رئيس الدولة بهذه الصورة وإبعاده عن شعب هو مسئول عنه امام الله وامام التاريخ..هذه المسافة التي تبتعد كل يوم بين الرئيس مرسي وهذا المجتمع تترك آثارا سلبية كثيرة علي استقرار هذا البلد لأن في مصر ملايين المسيحيين وملايين المسلمين الصادقين الذين لا ينتسبون لجماعة الإخوان المسلمين او السلفيين او الجماعة الإسلامية انهم مسلمون بالفطرة ولهم كل حقوق المواطنة..ان الآلاف الذين اجتمعوا في الاستاد لا يمثلون مصر الشعب والثقافة والتاريخ والحضارة وعلي الرئيس مرسي ان ينسي انه كان يوما رئيسا لحزب الحرية والعدالة وانه الآن رئيس لكل المصريين.
نقلاً عن "الشروق"