فاروق جويدة
كنت واحدا من الملايين الذين شجعوا انطلاق قناة الجزيرة القطرية.. وكنت معجبا بهذا الأداء المهني الرفيع الذي قامت عليه بدايات هذه القناة من حيث السرعة والتعددية والنماذج المهنية العالية..
وكانت الجزيرة قد استعانت بعدد كبير من الخبرات المصرية التي ساهمت بدور كبير في نجاح هذه التجربة الفريدة..ولكنني اعترف ان حماسي للقناة الوليدة بدأ يتراجع عاما بعد عام حتي استنفدت رصيدها المهني والأخلاقي بل إنها ظهرت اخيرا بوجه قبيح لا يتناسب مع بداياتها الرفيعة..كانت قناة الجزيرة مشروع تجربة جديدة علي المشاهد العربي في الحرية والإنطلاق والحوار وتعددية الرؤي..وكنت دائما اجد تشابها غريبا بين قناة الجزيرة المشروع الإعلامي الضخم وتجربة كاتبنا الكبير الراحل رجاء النقاش في إنشاء مجلة الدوحة اكبر مجلة ثقافية عرفها القارئ العربي يومها تجاوزت شهرة الدوحة المجلة شهرة الدوحة العاصمة وجاءت قناة الجزيرة لتضع دولة قطر الإمارة الصغيرة في مقدمة الدول العربية الأكثر تأثيرا وحضورا..كان البعض يري ان هذه المعادلة قلبت الموازين السياسية والإعلامية في العالم العربي..وكنت أري ان من حق اي دولة صغيرة كانت او كبيرة ان تسعي لتكون في مقدمة الصفوف ونجحت قناة الجزيرة في ان تتصدر المشهد الإعلامي العربي..إلا ان الصورة تغيرت بعد انطلاق ثورات الربيع العربي فقد لعبت الجزيرة دورا مشبوها تخلت فيه عن كل المقومات المهنية والأخلاقية التي قامت عليها في سنواتها الأولي..وفي الأيام الأخيرة كان موقف الجزيرة ضد الشعب المصري وضد ملايين المصريين سقطة كبيرة سوف تدفع القناة ثمنها.. لقد دخلت قناة الجزيرة الساحة المصرية في عملية تحريض مشبوهة شاركت بها في انقسام الشارع المصري بصورة غير مسبوقة وكان من الواضح اننا امام مؤامرة لها اهدافها الصريحة..كان من الممكن ان تساند قناة الجزيرة جماعة الإخوان المسلمين بطريقة مهنية لا تفقدها الجانب الأخلاقي ولكن ان تتحول قناة فضائية الي اداة للتحريض والإثارة والكراهية وتقسيم ابناء الشعب الواحد فهذه كارثة..لقد تخلت قناة الجزيرة عن ابسط القواعد المهنية والأخلاقية التي تحكم العمل الإعلامي ومن هنا خسرت اشياء كثيرة اهمها إحترام المشاهد وابتعاد المصريين عنها وهذا جزاء عادل.
نقلاً عن جريدة "الأهرام "