فاروق جويدة
كان امل المصريين في يوم من الأيام ان يبقي لهم رئيس واحد علي قيد الحياة ويترك منصبه راضيا مرضيا ويجلس في بيته يداعب الأحفاد في خريف العمر.
وكان المصريون يشعرون بالغيرة لأن في امريكا خمسة رؤساء سابقين وفي فرنسا ثلاثة يعيشون مع بقية الشعب مثل كل الناس ولكن الحلم طال خاصة ان رؤساءنا جميعا ماتوا علي الكراسي سواء كان الموت نهاية طبيعية او اغتيالا.. ولهذا فإن المفاجأة التي تجاوزت كل احلام المصريين ان يجدوا رئيسين مرة واحدة في السجون وان يقوموا بثلاث ثورات في اقل من ثلاثة اعوام, الشيء الغريب الذي يثير التساؤل لماذا خرج الإعلام الغربي وحكوماته بثورة عارمة ضد مصر الشعب والحكومة امام عزل الرئيس السابق محمد مرسي وإقصاء الإخوان عن السلطة في حين استسلم الإعلام نفسه امام عزل الرئيس الأسبق حسني مبارك وكلا الرئيسين ترك السلطة مخلوعا بثورة شعبية..إن الإعلام الغربي يذرف دموعا غزيرة علي الرئيس مرسي في حين لم يذرف دمعة واحدة وراء الرئيس مبارك رغم انه جلس علي كراسي السلطة ثلاثين عاما وكانت له علاقات قوية وعميقة وتاريخية مع الغرب خاصة امريكا والاتحاد الأوروبي..كان الإعلام الغربي وحكوماته مع خروج حسني مبارك من السلطة وكان نفس الإعلام ضد عزل مرسي ورحيل الإخوان فهل كانت العلاقات بين الغرب والإخوان اكبر واعمق من علاقاته مع نظام مبارك..وكيف استطاع مرسي ان يصل الي هذه المكانة والأهمية خلال عام واحد..من يتابع الإعلام الغربي في الأيام الماضية ومواقف حكوماته يصاب بالدهشة من هذا الهجوم الضاري علي مصر بعد عزل مرسي ومنذ عامين كان الإعلام نفسه يحتفل بتنحي مبارك..هناك اشياء كثيرة غامضة في السياسة واحداث لا يمكن تفسيرها إلا ان المهم ان حلم المصريين تحقق في وجود اكثر من حاكم مصري علي قيد الحياة خارج السلطة حتي وان كانا في السجون..ولكن يبقي موقف الحكومات الغربية مثيرا للشكوك امام حالة الرفض والفزع بما يجري في مصر الآن.. انها دموع التماسيح علي الديمقراطية ولكن الحقيقة انها المصالح والأجندات وخبايا الكواليس في دنيا السياسة.
نقلاً عن جريدة " الأهرام "