فاروق جويدة
السياسة في مصر أساءت كثيرا للإسلام والمسلمين ورجال الدين.. كانت مصر دائما قلعة من قلاع الإسلام الرصينة والمترفعة في كل شيء.. كان رجل الدين المصري نموذجا في السلوك..
وكان قراء القرآن الكريم من مشايخنا الأجلاء قدوة في التلاوة والصلاح.. وكانت مؤلفات كبار مفكرينا في القضايا الدينية والفكر الإسلامي مصدرا من اهم مصادر الفقه والشريعة والمعاملات.. وكان رجال الدين المصريون يتمتعون بسمعة دولية لا يضاهيها احد.. وكانت عمامة الأزهر الشريف صورة مضيئة للدين الصحيح في كل بلاد الدنيا.. كان امام المسجد في القرية هو وزارة الداخلية والأوقاف والزراعة وكل مؤسسات الدولة وكان يشارك في كل شيء ويواجه كل الأزمات التي يتعرض لها المواطنون ابتداء بالتحكيم في الجرائم وانتهاء بالتصالح بين المواطنين.. وكان رجل الدين في مكانته وموقعه في السلم الإجتماعي يحظي دائما بالتقدير.. وقليلا ما احترف رجال الدين السياسة إلا فيما ندر إذا عين احدهم وزيرا او مسئولا او عضوا في البرلمان ولكنهم عادة كانوا يترفعون عن النشاط السياسي ومن هنا حافظ رجال الدين علي مكانتهم الاجتماعية والدينية والفكرية ومنذ دخل رجال الدين السيرك السياسي انقلبت احوالهم وتحول الكثيرون منهم الي اصحاب ادوار لا تتناسب مع قدسية الدين ومكانة رجاله.. وفي الفترة الأخيرة ومنذ قامت الثورة تحول رجال الدين الي زعامات في الأحزاب الدينية التي ملأت الساحة السياسية وبدأت سلاسل الاتهامات والبذاءات والشتائم علي الفضائيات وقد ادي ذلك كله الي تشويه صورة رجل الدين في مصر بل ان بعضهم دخل في معارك كثيرة وخسروا بسبب ذلك كثيرا فمنهم من دخل السجون ومنهم من تعرض للإهانة ومنهم من سقط امام الرأي العام بسبب سلوكيات وتصرفات لا تليق.. وفي تقديري ان مكانة رجل الدين لا تساويها مكانة اخري لقد كان ضميرا للمجتمع وحاملا لرسالة الأخلاق ونموذجا في السلوك القويم.. وحين اتجه رجال الدين الي السياسة خسرنا الدين والسياسة معا ورحم الله الإمام محمد عبده حين لعن السياسة بكل مشتقاتها