فاروق جويدة
لتهمة واحدة وهي قتل المصريين..والقضية واحدة وهي شعب يطالب بحقه في الحرية والحياة الكريمة والجرائم واحدة وهي القمع والإستبداد..
هذا ما رأيناه في محاكمة نظامين سياسيين فصلت بينهما شهورا قليلة واحداث كثيرة دامية من كان يصدق ان تكون محاكمة رموز النظام الأسبق ورموز النظام السابق في مكان واحد ويوم واحد وجرائم واحدة اي قدر هذا الذي جعل المصريين يشاهدون هذه المسرحية القدرية في وقت واحد..عندما سار المصريون علي النظام الحاكم يوم25 يناير كانوا يتصورون انهم يصنعون وطنا جديدا اكثر حرية واكثر كرامة ولكن الأقدار دفعت بهم الي سرداب مظلم ليجدوا انفسهم امام استبداد جديد..وبعد ان ظلوا ضحايا الحزب الوطني سنوات طويلة وجدوا انفسهم ضحايا للإخوان المسلمين رغم انهم يرفعون راية الإسلام ويتحدثون عن الشريعة والغريب في الأمر ان النظامين وقعا في مستنقع الدم وكان القتل هو العامل المشترك الذي جمع بينهما امام القضاء
انها لعنة الإستبداد حين يتلون ويأخذ اشكالا عديدة انه يتخفي احيانا في الوطنية الكاذبة والحكم باسم الشعب ويتخفي احيانا اخري في الدين رغم ان الدين اقدس وارفع من ان تلوثه السياسة ورغم اختلاف اساليب الإستبداد إلا انه يلتقي دائما عند منطقة واحدة هي قهر إرادة الشعوب واستنزاف احلامها في الحرية..ان ما حدث بالأمس درس لكل صاحب قرار ان يخاف الله في شعبه وألا يتصور انه بعيد عن الحساب..إن الإستبداد يتصور احيانا انه اقوي من كل شيء ولكن ماذا فعلت حشود الإستبداد امام الملايين التي خرجت يوم25 يناير ثم خرجت مرة اخري يوم30 يونيو لتؤكد اصرار هذا الشعب علي ان يبني لنفسه حياة كريمة ومستقبل اكثر امنا واستقرارا..إن محاكمة نظامين في مكان واحد وزمان واحد وجرائم واحدة شهادة لشعب عظيم قام رافضا الإستبداد بكل اشكاله فلم تنفع اساليب الحزب الوطني في القمع باسم الوطنية الكاذبة ولم تنفع اساليب الإخوان المسلمين في الإستبداد بأسم الدين وكان قدرنا ان نعيش هذه اللحظة التاريخية لنشاهد من اهدروا حق هذا الشعب في الحرية امام العدالة والله اعدل الحاكمين.
نقلاً عن "الأهرام"