فاروق جويدة
لا احد يتمني ان يكون ابنه صورة او نسخة منه ان الإنسان عادة يحرص علي ان يكون ابنه شيئا مختلفا في الفكر والمواقف وان يختار ما يحب وما يريد..ومن الأزمات الحقيقية
التي ظهرت في صفوف الإخوان هو توريث الفكر وهو حق مشروع لمن اراد ذلك ولكن لا ينبغي ان يرث الابن الفكر وتوابعه..ان الإخوان يحملون تاريخا طويلا في العمل السياسي ما بين العنف والحوار وقد غلبت عليهم في فترات كثرة موجات من العنف ورثها الأبناء وتجسدت في مبدأ الميليشيات او التدريبات..وفي الأحداث الأخيرة كان الآباء والأبناء معا في اعتصامات رابعة العدوية وجامعة القاهرة وكان واضحا ان شباب الإخوان نسخة من آبائهم في كل شئ..وفي تقديري ان هذا قصور في الرؤي لأن الزمن يتغير وإذا كان الآباء من اعضاء جماعة الإخوان المسلمين قد عاشوا زمنا يختلف في كل تفاصيله عن الواقع الحالي فإن الأبناء يختلفون في الأساليب والمواقف..ان شباب الإخوان يملكون قدرات مميزة في التعامل مع ادوات العصر من النت والفيس بوك والتكنولوجيا الحديثة وكان ينبغي ان تكون افكارهم غير افكار الآباء ولهذا سقطوا في أخطاء الآباء حين لجأوا الي العنف..واثناء ثورة يناير اندمج شباب الإخوان مع شباب مصر في تيار واحد ولكن الآباء حملوهم الي سراديب الإنشقاق والإنقسام امام غنائم الثورة..كان من الممكن ان تقدم لنا ثورة يناير جيلا جديدا من الشباب يؤمن بالحوار واختلاف الرأي والرؤي ويحرص علي شئ واحد هو امن واستقرار هذا الوطن إلا ان جيل الآباء في الإخوان المسلمين فرض وصايته وخططه وطموحاته علي الشباب فكانت النتيجة هذا الصدام الدامي بين ابناء المجتمع الواحد والذي استخدمت فيه قيادات الإخوان هؤلاء الشباب في مواجهة مع الشعب..هل يمكن ان يتخلص الأبناء من الوصاية الفكرية وميراث العنف الذي زرعه الآباء فيهم وهل يمكن ان نجد في يوم من الأيام كل شباب مصر يجلسون معا علي مائدة حوار واحدة تجمع كل الأفكار والرؤي لبناء مصر التي نحلم بها..الي متي تطاردنا لعنة التوريث في الحكم احيانا وفي الفكر في معظم الأحيان.
نقلاً عن "الأهرام"