فاروق جويدة
يقف الأستاذ هيكل علي شواطئ التسعين يشاهد ما انجز ويري مشروع حياته وهو بكل المقاييس كان شيئا فريدا..
ولم تكن رحلة الأستاذ هيكل من الرحلات العابرة فهو في الحقيقة صاحب مشروع حياة تفرد به في تاريخ الصحافة المصرية والدليل انه كان دائما قادرا علي ان يبدأ من جديد في كل مراحل حياته كاتبا وسياسيا وصاحب فكر و حين ترك الأستاذ هيكل الأهرام ظن الكثيرون أنه ترك الساحة الصحفية ومؤسسته العريقة بكل ما فيها من الوهج والبريق إلا أن هيكل صاحب المشروع انتقل إلي مرحلة اخري من اخصب فترات حياته واكثرها عطاءا وهي رحلته مع الكتاب كان هيكل ظاهرة صحفية فريدة في تميزها وعمق تأثيرها.. ومع الكتاب بدأ رحلة اخري اكثر عمقا وانتشارا وقيمة بدأت سلسلة مؤلفات هيكل في الفكر والسياسة والصحافة والتاريخ تسافر الي ابعد نقطة في هذا الكون من خلال ترجمات لعشرات من كتبه تجاوزت اربعين لغة عالمية فهو سبق لم يصل اليه كاتب عربي من قبل وخلال رحلته مع الكتاب قدم الكثير من الوثائق وكشف الكثير من الحقائق عن مرحلة من تاريخ مصر والعالم العربي هي الأزهي والأكثر بريقا وتحولت كتابات هيكل الي رصيد ضخم ومصدر من اهم المصادر التاريخية والسياسية والإجتماعية لهذه الفترة وبقي هيكل صاحب موقف ودور حول كثير من القضايا والأحداث التي مرت بها مصر والعالم العربي والتي اضاء فيها الكثير من السراديب المظلمة في عالم السياسة.. وهنا كانت رحلته مع الأحاديث التلفزيونية وعشرات المقالات والأحاديث الصحفية التي حكي فيها ذكرياته مع رموز عصره من الزعماء السياسيين الكبار او حلق فيها مع حاضر فرض الكثير من الصراعات مع رحلة دائمة لم تتوقف للبحث في آفاق المستقبل
إن الأستاذ هيكل ليس كاتبا فريدا او صاحب قلم بديع ولكنه صاحب مشروع كبير عاش من اجله وأعطاه عمره بكل سخاء وهو نموذج لكل من يبحث عن القيمة ويقدر دوره في صنع الحياة
استاذ هيكل كل سنة وانت طيب
نقلاً عن "الأهرام"