فاروق جويدة
حاول بعض الفلاسفة أن يجمعوا بين السياسة والأخلاق ولكنهم اكتشفوا ان ذلك أمر مستحيل.. وحاول بعض الساسة إيجاد معادلة ما بين السياسة والأخلاق
ولكنهم فشلوا والفرق بين الأخلاق والسياسة كبير جدا لأن السياسة تقوم علي التحايل والدهاء والمغامرة والأخلاق اقرب الأبواب الي الفضيلة ومنها الي الترفع الإنساني.. وفي الأخلاق فكر وفي السياسة حظوظ والفرق بين الحظ والفكر ان الحظ مغامرة والفكر ثوابت ولهذا لم يكن غريبا ان تكتشف السيدة ميركل المستشارة الألمانية ان الإدارة الأمريكية تجسست علي مكالماتها التليفونية لمدة عشر سنوات كاملة.
في أحد الأفلام الجميلة للراحل العبقري احمد زكي مشهد للوزير الذي كان يكتب للمباحث عندما كان طالبا تقارير عن زوجته ويتساءل الفنان القدير هل هناك ندالة اكثر من ذلك وهذا ما حدث بين الرئيس اوباما الشاب الأفريقي الأسمر الذي بهر العالم في ايامه الأولي في البيت الأبيض وهو يتحدث عن الأخلاق والرحمة والشعوب المغلوبة علي امرها ثم يستشهد بآيات من القرآن الكريم والإنجيل والتوراه.. هذا الرئيس الشاب هو نفسه الذي سمح لأجهزة المخابرات عنده ان تتجسس علي رؤساء الدول الصديقة.. هذا الموقف يؤكد ان مبدأ الندالة الذي تحدث عنه احمد زكي في فيلمه الشهير معالي الوزير هي منظومة ثابتة ومكررة تبدأ في اول سراديب السياسة وتصل الي اعلي قمة فيها انها جملة قصيرة في كتاب ضخم لا يعترف بالأخلاق ولا يؤمن بالضمير ولا يحسب شيئا غير المصالح والمؤامرات حتي لو وصل الأمر الي التجسس علي الأصدقاء.. ان تاريخ الفضائح في عمليات التجسس لم يترك دولة كبري او صغري وفي ظل ثورة المعلومات والإنترنت والموبايل والكمبيوتر اصبح من السهل ان تخترق شركة ما يكروسوفت اي برنامج قدمته للعالم..لم يكن الرئيس اوباما في حاجة لأن يتجسس علي مكالمات ميركل و35 زعيما من زعماء العالم وكان يكفيه ان يكلف شركة ايفون او ميكروسفت او ياهو ان تقدم له كل ما يريد بدون ازعاج او فضائح ولا ندري ما هو نصيب الحكام العرب من هذه الفضائح.
نقلاً عن "الأهرام"