فاروق جويدة
كثيرون غيري يشعرون بحزن شديد للتسلل البغيض الذي تشهده الساحة الرياضية من عواصف وزوابع السياسة.. كانت الرياضة دائما ابعد ما تكون عن المستنقعات السياسية الكريهة وكانت تمثل مساحة للمنافسة الشريفة بين الشباب.
لقد ارتبطت الرياضة دائما بأعمار الشباب وهي اولي مراحل العمر التي يتشكل فيها الإنسان جسدا وروحا وفكرا..وكانت المجال الأوسع لامتصاص قدرات الشباب من خلال المنافسة الواعية والحب المتبادل.. ولكن منذ تدخلت السياسة وتسللت الي الملاعب واخترقت فكر الشباب الواعد تحولت الي لعنة ودعوة للانقسامات بل انها فتحت طريقا واسعا للكراهية بين ابناء الوطن الواحد..كانت المنافسة بين الأندية من اجل الوصول الي الأفضل والصراع بين الشباب من اجل الوصول الي القمة والبقاء عليها اطول فترة ممكنة وكانت هناك مناطق لا خلاف عليها بين الشباب حين يمثلون مصر في مباريات دولية او احداث رياضية.. كان الفريق يحمل علم مصر ويهتف لها ويتمني ان يعود منتصرا لكي يسعد الملايين من ابناء وطنه وكان الرياضيون بصفة عامة بعيدين تماما عن السياسة فلم نجد منهم من يمارس العمل السياسي..كانت المنافسة بين الفرق الرياضية هي المجال الوحيد للصراع الواعي..ورغم ان الأندية الكبري مثل الأهلي والزمالك تتمتع بشعبية طاغية في الشارع المصري إلا انها لم تفكر يوما في استخدام هذه الشعبية في اللعبة السياسية.. ان ملايين الأهلي والزمالك تصنع احزابا سياسية لا ينافسها احد ولكنها ترفعت عن كل ذلك وبقيت صوتا لكل المصريين.. ومنذ قامت ثورة يناير انقسم المصريون وجاء الانقسام تدريجيا بين ابناء النخبة الواحدة..ثم انتقل الي انقسام بين التيارات السياسية.. وزادت الأزمة واصبح خلافا دينيا ثم صراعا سياسيا استخدم كل الوسائل.. والآن انتقلت لعنة الانقسام الي صفوف الرياضيين الذين اجمع الشعب كل الشعب علي محبتهم واعطاهم من الفرص والنجاح فوق ما كانوا يحلمون.. لقد تسلل البعض منهم الي مستنقعات السياسة وبدأ يمارس لعبة غريبة عليه فكان الانقسام حول نجوم احببناهم واسعدونا في يوم من الأيام وبدأ مسلسل الشتائم والبذاءات علي الإنترنت والفيس بوك وخسرت مصر الرياضة والسياسة معا.
نقلاً عن "الأهرام"