فاروق جويدة
فتيات الإسكندرية عدن الي بيوتهن بعد حكم محكمة الاستئناف وتخفيف الحكم وسط فرحة الأهل والجيران..
ان هذه العودة وهذا الحكم لا تنفي ابدا ان القضية اكبر من كل هذه الإجراءات والمحاكمات واحكام القضاء لأن هذا ليس مكانهن وهن في هذه المرحلة من العمر..ان القضية هي كيف تم العبث بعقول فتيات صغيرات ودفعهن لإرتكاب هذه الأخطاء..كيف تم تجنيد هذه البراءة لتحمل فكرا وسلوكا عدوانيا.. ان هذه الفتاة الصغيرة في حاجة لأن تقرأ كتابا او تسمع اغنية جميلة او تشاهد فيلما راقيا..انها في حاجة لأن تحب ام كلثوم وليلي مراد وفاتن حمامة وعبد الحليم حافظ وان تعيش عمرها.. انها في حاجة ان تصلي وتزور مرسي ابو العباس وتشاهد امواج البحر الجميل وتسافر معها الي ابعد نقطة في هذا الكون..انها في حاجة ان تحلم بشهادتها ووظيفتها وزوج يحميها واطفال تقدمهم هدية لهذا الوطن.. انها في حاجة الي اب يسمع نبضات قلبها قبل ان تنام ويغلق عليها حجرتها في ليالي الشتاء ويدعوها لأن تصلي معه الفجر جماعة.. انها في حاجة لأن تحب وطنها بكل ما فيه ومن فيه وتشعر انها تنتمي لوطن جميل وانها تحمل في سنوات عمرها القصير توليفة انسانية رائعة تتجسد في الانتماء والإيمان والحب والتسامح..انها في حاجة ان تفكر وتتحاور وترفض وتغضب ولكن ينبغي ان يكون الحوار وسيلتها للاختلاف في الأفكار والرؤي.. من حقها ان تذهب بخيالها الي اي مكان ولكن يجب ان تقف علي ارض صلبة من الوعي والإدراك وفهم الواقع..انها مستقبل هذا الوطن لأنها ستعمل وتنتج وتعيش وقبل هذا كله فهي مصدر استمرار هذا الوطن لأنها الأم التي ستقدم نتاج عمرها لهذه الأرض.. اتصور الآباء وكل واحد منهم يحتضن صغيرته العائدة من السجن ومسئوليته عن تصحيح مسارها ان من حقها ان تتظاهر ولكن بلا شغب.. وان تصرخ ولكن بلا عنف وان تختلف في فكرها عن هذا الأب الذي رعاها وقدم لها سنوات عمره بكل سخاء ان واجبها ان تحبه حتي ولو اختلفت معه.. وتحافظ عليه حتي وان شعرت بالرغبة في التمرد.
الاهرام