فاروق جويدة
تولي الدكتور كمال الجنزوري رئاسة وزراء مصر اكثر من مرة ولهذا فهو يعرف كل دهاليز الدولة المصرية طوال ربع قرن من الزمان
فقد تنقل ما بين محافظ ووزير ورئيس للوزراء وفي كل هذه المناصب كانت لديه القدرة علي ان يري ويحلل ويدرس وقد استطاع ان يرصد في هذه السنوات كل مشاكل مصر وازماتها بالأرقام والشواهد.. خاض د.الجنزوري معارك كثيرة في سلطة القرار ورغم الهدوء في شخصيته والدماثة في اخلاقه إلا انه كان حاسما وشديد الحرص علي دراسة كل شئ قبل ان يتخذ قرارا.. واخيرا قدم د.الجنزوري شهادته من خلال تجربته الطويلة في إدارة شئون مصر في كتاب صدر عن دار الشروق حمل عنوان طريقي سنوات الحلم والصدام والعزلة من القرية الي رئاسة مجلس الوزراء. وهو يعترف من البداية بأن الكتاب ليس سيرة ذاتية ولكنه رحلة مسئول وصاحب قرار عاش تجربة طويلة في مناصب متعددة.. والذين يعرفون د.الجنزوري يدركون انه عاشق لدنيا الأرقام وهي تحمل اضعاف ما تحمله الكلمات.. وفي مشواره ما بين الحلم والواقع والسلطة يؤكد د.الجنزوري ان قضية مصر الأولي ان تخرج من الوادي لأن90 مليون انسان يعيشون علي هذا الخط الصغير الأخضر علي ضفاف النيل بينما تعاني ارجاء مصر الواسعة من فراغ بشري سحيق..وكان د. الجنزوري من المسئولين الذين اتجهوا الي الصحراء ونبه اليها منذ كان محافظا للوادي الجديد ثم كان حماسه الشديد لمشروع توشكي رغم ما اثير حوله من التحفظات ثم كانت دعوته الي تنمية سيناء وفي كل هذه المراحل كان يري ان ازمة مصر الحقيقية هي خريطة التوزيع السكاني الخاطئ الذي لم يتغير منذ مئات السنين.. ان كتاب د. الجنزوري تنقصه محطات كثيرة حول توليه رئاسة الحكومة بعد ثورة يناير وخلافاته مع الإخوان المسلمين وموقفه من المجلس العسكري وربما فضل الجنزوري ان تكون هذه القصص والحكايات موضوع كتابه القادم.. لاشك ان تجربة د. الجنزوري كانت تجربة ثرية في كثير من جوانبها وقد اتسمت سنوات عمله في إدارة شئون مصر بالمصداقية والشفافية مما جعله قريبا من قلوب الناس.
نقلاً عن "الأهرام"