فاروق جويدة
أتابع من بعيد مشروع محو الأمية لجنود الجيش والأمن المركزي وفي الأسبوع الماضي كان الاحتفال بتوزيع الشهادات علي ثلاثة آلاف مجند أدوا الامتحانات أمام50 لجنة في الهيئة العامة لمحو الأمية برئاسة اللواء عثمان عباس.
.منذ سنوات وانا اصرخ في البرية مطالبا بالقضاء علي هذا العار الذي يطاردنا جيلا بعد جيل ان تكون مصر من اعلي دول العالم في الأمية..هناك دول احتفلت منذ سنوات برحيل آخر امي فيها ونحن كل عام نستقبل الملايين منهم..في احيان كثيرة تصورنا ان هناك اهدافا سياسية لإنتشار الأمية ولم يكن غريبا ان نجد في مجلس الشعب عشرات النواب لا يقرأون ولايكتبون..ثم تصورنا ان الأمية اسرع طريق للطاعة العمياء حيث لا فكر ولا سؤال..وزادت الأزمة تعقيدا عندما تسللت الأمية الثقافية الي عقول النخبة المصرية وكان ما كان..وفي تقديري ان استمرار الأمية في مصر يعني توفير كل الفرص للجهل والتخلف والفقر..لا يمكن ان تنطلق مواكب التقدم في ظل شعب لا يقرأ ولا يكتب ولا يمكن ان تنجح برامج التدريب علي الأساليب الحديثة في العمل والإنتاج لشباب لا يقرأ ولا يكتب..هناك مشروعات لتدريب الشباب ولا اتخيل نجاحها في ظل الأمية..لا احد يعرف لماذا فشلت دائما مشروعات محو الأمية ابتداء ببرامجها في التليفزيون وانتهاء بالملايين التي انفقتها الدولة علي مشروعات لم تنجح..ان الجهة الوحيدة التي نجحت برامجها هي القوات المسلحة مع آلاف المجندين حيث يخرج المجند من أداء الخدمة العسكرية وقد حقق هدفين تدرب علي مهنة معينة وتخلص من اميته..لقد اقترحت في يوم من الأيام إنشاء إدارات وتجمعات في المحافظات لمواجهة هذا الشبح المخيف وان يقوم شباب الخريجين في الجامعات بهذه المهمة مقابل مكافأة مالية مجزية بحيث يلتزم كل خريج بمحو امية عدد معين من المواطنين وبذلك نتخلص مؤقتا من شبح البطالة ونقضي علي عار الأمية..هناك ملاحظة مريبة ان الحزب الوطني لم يحاول محو امية المصريين خلال ثلاثين عاما في السلطة وان الإخوان لم يدخل في برامجهم علي الإطلاق برنامج لمحو الأمية فقد اختار الاثنان للمصريين الجهل طريقا.
نقلاً عن "الأهرام"